هيومن رايتس ووتش: الحكومة التونسية حوّلت الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في سياستها القمعية

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير نشرته، اليوم الأربعاء 16 أفريل 2025، إن الحكومة التونسية حوّلت "الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في سياستها القمعية التي تهدف إلى حرمان الناس من حقوقهم المدنية والسياسية".

5 دقيقة

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير نشرته، اليوم الأربعاء 16 أفريل 2025، إن الحكومة التونسية حوّلت “الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في سياستها القمعية التي تهدف إلى حرمان الناس من حقوقهم المدنية والسياسية”. 

وأضافت أنه يتعين على السلطات أن تضع حدا “لحملتها القمعية” ضد من تعتبرهم منتقدين لها، وأن تفرج عن جميع المحتجزين تعسفيا لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية في كثير من الحالات.

يوثّق التقرير المعنون “كلنا متآمرون: استخدام الاحتجاز التعسفي في تونس لسحق المعارضة”، اعتماد الحكومة المتزايد على الاحتجاز التعسفي والملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية لترهيب ومعاقبة وإسكات منتقديها، وفق ما ورد على الموقع الرسمي للمنظمة.

وأشارت المنظمة إلى أنها وثّقت حالات 22 شخص محتجزين بتهم تعسفية، بما في ذلك الإرهاب، على خلفية تصريحاتهم العلنية أو أنشطتهم السياسية، ومن بين هؤلاء محامون ومعارضون سياسيون ونشطاء وصحفيون ومستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي ومدافعون عن حقوق الإنسان. قد يواجه ما لا يقل عن 14 محتجزا عقوبة الإعدام في حال إدانتهم. وكان هناك أكثر من 50 شخصا محتجزين لأسباب سياسية أو لممارستهم حقوقهم حتى جانفي 2025.

وقال بسام خوجا، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش “لم يحدث منذ ثورة 2011 أن شنّت السلطات التونسية مثل حملات القمع هذه. أعادت حكومة الرئيس قيس سعيّد البلاد إلى حقبة السجناء السياسيين، وسلبت التونسيين حرياتهم المدنية التي اكتسبوها بشقّ الأنفس”.

ويشير التقرير إلى أنه منذ 25 جويلية 2021 كثّفت السلطات بشكل كبير من قمعها للمعارضة، ومنذ أوائل 2023، كثّفت من الاعتقالات التعسفية والاحتجازات ضد الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم منتقدون للحكومة، مستهدفة المعارضين من مختلف الأطياف السياسية.

وأفاد التقرير بأن هيومن رايتس ووتش وجدت أن الرئيس قيس سعيد يغذّي استهداف قوات الأمن والسلطات القضائية للمعارضة، وغالبا ما اتهم علنا منتقدي الحكومة وخصومه السياسيين الذين لم يسمهم بأنهم “خونة” بل و”إرهابيون”.

ووفق التقرير فقد اعتمدت السلطات التونسية على مجموعة من الأدوات القانونية “العدائية”، مثل التهم الأمنية والإرهابية التي لا أساس لها من الصحة بموجب المجلة الجزائية وقانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015، الذي يمنح قوات الأمن صلاحيات واسعة للمراقبة والرصد، ويسمح باحتجاز المشتبه بهم لمدة تصل إلى 15 يوما، ويسمح بعدم الكشف عن هوية المخبرين والشهود. 

كما استخدمت السلطات أيضا القوانين التي تنتهك حرية التعبير والحق في الخصوصية، بما في ذلك أحكام المجلّة الجزائية ومجلّة الاتصالات إضافة إلى المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال. إضافة إلى أن العديد من المحتجزين الذين تم توثيق حالاتهم في هذا التقرير وجّهت لهم تهمة “محاولة تبديل هيئة الدولة”، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن السلطات القضائية دأبت على توجيه تهم إضافية أو إصدار أوامر احتجاز جديدة لإبقاء شخصيات بارزة وراء القضبان، أحيانا دون عرض المعتقلين على قاضٍ، وفق المصدر نفسه.

ولفت التقرير إلى أن هجمات السلطات المتكررة على القضاء، بما في ذلك حلّ المجلس الأعلى للقضاء، قوّضت استقلاليته بشكل كبير وعرّضت حق التونسيين في محاكمات عادلة للخطر. إضافة إلى استهداف المحامين بالمضايقات القضائية والملاحقة الجنائية والمنع من السفر بسبب ممارستهم المشروعة لمهنتهم. 

كما أن السلطات التونسية وأدانت واحتجزت مدنيين اعتبرتهم منتقدين للسلطات في محاكم عسكرية، وهي محاكم لا ينبغي أن يكون لها اختصاص قضائي على المدنيين.

ويبرز التقرير أن المحتجزين غالبا ما يُحتجزون في ظروف احتجاز قاسية، وأن السلطات لم توفّر الرعاية الطبية الكافية للعديد من السجناء المحتجزين بسبب آرائهم السلمية أو أنشطتهم السياسية. وفي بعض الحالات، يخضعون للمراقبة بالكاميرات على مدار الساعة والإضاءة الاصطناعية طوال الوقت، أو التفتيش بالتجريد من الملابس.

تُواجه شذى الحاج مبارك، وهي صحفية لديها إعاقة سمعية وتقضي عقوبة خمس سنوات بتهمة “محاولة تبديل هيئة الدولة” من صعوبة في سماع عائلتها أثناء الزيارات بسبب سوء التجهيزات المادية وغياب الدعم في التواصل. منعتها سلطات السجن من الحصول على أدويتها، حسبما قال شقيقها أمين لـ هيومن رايتس ووتش.

قال: “فقدت مصدر رزقها وارتباطها بقضية تآمر وإرهاب جعلها تشعر بأنها منبوذة”.

وتوضّح المنظمة أن تونس دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، اللذين يكفلان الحق في حرية التعبير والتجمع، والمحاكمة العادلة، وعدم التعرض للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي.

وطالبت السلطات التونسية بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفا وإسقاط التهم التعسفية الموجهة إليهم، والتوقف عن ملاحقة الأفراد بسبب ممارستهم لحقوقهم الإنسانية.

وشدّدت على أنه يتعين على شركاء تونس الدوليين أن يحثوا الحكومة التونسية على إنهاء حملتها القمعية وحماية مساحة حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع.

وقالت أنه على الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، الذين امتنعوا إلى حد كبير عن التحدث عن الوضع المزري لحقوق الإنسان، أن يُعربوا علنا عن قلقهم بشأن تدهور حالة حقوق الإنسان في تونس، وأن يُراجعوا أي تعاون مع تونس لضمان ربطه بالامتثال للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان.

وأضافت أنه ينبغي على اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أن تحثّ تونس على الامتثال الفوري للأحكام المُلزمة الصادرة عن المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

مقالات ذات صلة:

هيومن رايتس والعفو الدولية: السلطات التونسية تصعّد قمع الإعلام وحرية التعبير بموجب المرسوم عدد 54

هيومن رايتس ووتش: التهم الموجهة في قضية التآمر غير مبنية على أي دليل موثوق وعلى السلطات وضع حد لهذه المهزلة

تنويه

بقلم

Picture of رجاء شرميطي

رجاء شرميطي

صحفية تونسية متحصلة على شهادة الماجستير المهني في الاتصال السمعي البصري ومهتمة بمجال حقوق الإنسان والقضايا الجندرية.

بمشاركة

لا يوجد مساهمين

مقالات مشابهة​