جمعية تقاطع: إيقاف أحمد صواب على معنى قانون الإرهاب يُمثّل حلقة جديدة في مسلسل القمع الممنهج لحرية التعبير

اعتبرت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، اليوم الخميس 24 أفريل 2025، أن إيقاف المحامي والقاضي السابق أحمد صواب "على خلفية ممارسته لدوره كأحد أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية التآمر، يأتي كحلقة من سلسلة الانتهاكات والتضييقات التي طالت ملف هذه القضية، فضلا عن أن اعتقاله واتهامه بالقيام بأعمال إرهابية على خلفية تصريح علق فيه على التجاوزات التي طالت قضية "التآمر".

6 دقيقة

كما اعتبرت في بيان لها، أن إيقاف “أحمد صواب كأنه إرهابي لأنه استعمل في تصريحه تعبيرًا مجازيًا لوصف الضغوطات المحمولة على القاضي الذي سيصدر الأحكام في القضية المذكورة يؤكد توجه السلطات التونسية إلى مزيد اعتماد السياسات المُمنهجة لتصفية كل من يعارض الممارسات السلطوية القائمة”.

وبينت أنه إثر صدور “هذا التصريح عن أحمد صواب في إطار أدائه لمهامه كمحامي نائب فيما يُعرف إعلاميًا بقضية التآمر فإنّ الفصل 47 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة ينص على أنه “لا تترتب عن الأعمال والمرافعات والتقارير المنجزة من المحامي أثناء مباشرته لمهنته أو بمناسبتها أية دعوى ضده. ولا يتعرض المحامي تجاه الهيئات والسلطات والمؤسسات التي يمارس مهنته أمامها إلا للمساءلة التأديبية وفق أحكام هذا المرسوم”.

وشددت على أن “هذا الإيقاف التعسفي على معنى قانون الإرهاب يُمثّل حلقة جديدة في مسلسل القمع الممنهج لحرية التعبير واستهداف الأصوات المستقلة” كما “يعد هذا مخالفة للمادة 19 من ‏الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث جاء بها “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في ‏اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من خلال أي وسيلة إعلامية ودونما اعتبار للحدود”. كما كرّس الدستور التونسي حرية الرأي والتعبير عبر الفصل 37 الذي يقر بأن “حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة”.

واعتبرت أن “هذه الانتهاكات تؤكد تواصل سياسات تكميم الأفواه والأيادي منعا للمواطنين والمواطنات عموما من حقهم في حرية الرأي والتعبير بحيث تحول القيود المفروضة التمتع بالحرية الرأي والتعبير من مبدأ إلى استثناء يفرغ الحق من جوهره” ممّا يتعارض مع التعليق 34 لسنة 2011 للجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان والذي وضح بأن الفقرة 2 من المادة 19 المذكورة أعلاه “قد نصت على حماية جميع أشكال التعبير ووسائل نشرها. وتشمل هذه الأشكال اللغة المنطوقة والمكتوبة ولغة الإشارة والتعبير بلغة غير لفظية، مثل الصور والقطع الفنية. وتشمل وسائل التعبير الكتب والصحف والمنشورات والملصقات واللافتات والملابس والوثائق القانونية، وتشمل كذلك جميع الأشكال السمعية والبصرية فضلاً عن طرائق التعبير الإلكترونية والشبكية.”

وأضافت أنه “إثر إعلان عددًا كبيرًا من المحامين على تطوعهم لتولي الدفاع عن أحمد صواب، قرر قاضي التحقيق بمنع حضور المحامين والاكتفاء بأربعة فقط، رغم تواجد عشرات المحامين المتطوعين للدفاع عنه” معتبرة أن “تدخل قاضي التحقيق في تحديد عدد وأسماء المحامين المسموح لهم بالحضور يعدّ انتهاكًا صارخًا ومباشرًا لحق ضحية الانتهاك في الدفاع وضربًا لمقومات المحاكمة العادلة. ممّا يعد مناقضًا لما يقره الفصل الثالث والثلاثون الذي ينص على أنّ “المتّهم بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة تُكفل له فيها جميع ضمانات الدفاع في أطوار التتبع والمحاكمة.”

وتم صباح يوم 21 أفريل 2025، اعتقال المحامي والقاضي الإداري السابق أحمد صواب إثر مداهمة منزله من قبل 10 أعوان من فرقة مكافحة الإرهاب، حيث بقي ستة من الأعوان خارج المنزل، بينما دخل الأربعة الآخرون لتفتيشه، ليقوموا بحجز هاتف الأستاذ أحمد صواب واقتياده إلى مقر الفرقة ببوشوشة.

وفي نفس اليوم، وبعد ساعات من إيقافه، قرّر قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب الاحتفاظ بأحمد صواب لمدة 48 ساعة، مع منع المحامي من مقابلته والاطلاع على أوراق الملف أمام الباحث المتعهد لنفس المدّة.

وقد تمّ إيقاف أحمد صواب والاحتفاظ به على معنى القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015، المتعلق بمكافحة الإرهاب، وإدراج تهم من قبيل تكوين وفاق بقصد ارتكاب جرائم إرهابية وتوفير أي وسيلة كانت، مواقع إلكترونية، ووثائق وصور لقادة تنظيم وقيادي وأفراد تنظيم إرهابي لهم علاقة بارتكاب جرائم إرهابية، على غرار تنظيم داعش والقاعدة، وعلى ذمة أشخاص هم محل تتبعات، وغيره من التهم المنصوص عليها في الفصول 13 جديد، و13 مكرر، و30، و32، و34، و37، و40، و71، و78 من القانون عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، والمتمم بالقانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرخ في 23 جانفي 2019، والفصلين 32 و222 من المجلة الجزائية، بالإضافة إلى الفصل 86 من مجلة الاتصالات، والفصل 24 من المرسوم عدد 54.

ويأتي هذا الإيقاف بعد ظهور ضحية الانتهاك يوم 19 أفريل قبالة قصر العدالة، متحدثًا حول التجاوزات القانونية التي شهدتها قضية التآمر، في إشارة منه إلى الضغوطات المسلطة على القضاء.

وقد صرّحت عائلة ضحية الانتهاك في ندوة صحفية، أنه في ذات اليوم نفسه تم اقتياد الأستاذ أحمد صواب إلى مكتبه بشارع الحرية بتونس العاصمة، صحبة قاضي التحقيق ورئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس، لتفتيشه وحجز الأجهزة الإلكترونية الموجودة فيه. وإثر تفطن قاضي التحقيق إلى وجود مراسلات إلكترونية بين الأستاذ وزميله في إطار عملهم، أمر بالعودة إلى منزل ضحية الانتهاك وحجز جميع الأجهزة الموجودة فيه.

وفي عشية نفس اليوم، تم تفتيش المنزل للمرة الثانية من قبل 15 عونًا من فرقة مكافحة الإرهاب وثلاث سيارات رباعية الدفع، حيث بقي 10 من أفراد الشرطة خارج المنزل، بينما دخل الخمسة الآخرون وقاموا بتفتيشه وحجز جميع الأجهزة، مع اقتياد ابن ضحية الانتهاك إلى مقر فرقة الإرهاب ببوشوشة، بتعلّة الإمضاء على المحضر، ليتم استنطاقه لمدة طويلة وسؤاله حول المسيرة المساندة لوالده والهدف منها، ليبقى هناك ويتم إطلاق سراحه بعد ساعات من الزمن.

يوم الأربعاء 23 أفريل، كان من المفترض أن يتم التحقيق مع ضحية الانتهاك، حيث تم جلبه إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وأمام العدد الهائل للمحامين الذين قاموا بمطالب لإنابة أحمد صواب، تم منع المحامين من الحضور في التحقيق، أين طلب قاضي التحقيق تحديد عدد وأسماء المحامين المسموح لهم بالحضور بأربعة فقط، وهي سابقة تهضم حق الدفاع وليس لها أي مبرر قانوني، الأمر الذي على إثره قرر رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس مقاطعة الترافع والحضور، ومقاطعة المحامين لجلسة التحقيق.

وفي ذات اليوم، أصدر قاضي التحقيق بطاقة إيداع بالسجن في حق ضحية الانتهاك، أين تم إيداعه بالسجن المدني بالمرناقية، مع تحديد تاريخ يوم الاثنين 28 أفريل 2025 كموعد لاستنطاقه، وفقًا لما رواه لسان الدفاع عنه.

أخبار ذات صلة:

تنويه

بمشاركة

مقالات مشابهة​