في كلمة له j;î للرأي العام يوم أمس الثلاثاء، قال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة أنه حضر إنتصارا لنضال القضاة الشرفاء من أجل إستقلال القضاء وإحترام هياكله ورفض كل مساعي الضغط عليه وتوظيفه ومعاقبة القضاة بعزلهم أو تشويههم من طرف قيس سعيد و وزارته و “أنصاره المنفلتين”.
و أضاف الغنوشي أنه و منذ “إنقلاب 25 جويلية” وهم يتربصون به ويعملون على تشويهه وعائلته وتلفيق التهم الباطلة له، و إعتبرها تُهَمٌ كيدية و لا أساس لها من الصحة في الحقيقة والواقع، و”تندرج هذه التهم اليوم في إطار تمرير مشروع دستور يكرس الانقلاب والإستبداد والحكم الفرد المطلق وضرب قيم الجمهورية ومكاسبها ومزيد الزج بالبلاد في أزمة شاملة وعميقة وعزلة في العالم.”
و عبر الغنوشي عن فخره لأنه كان أكثر من نظّر “للوسطية والاعتدال الفكري والسياسي”، ونظر “للديمقراطية الإسلامية وللإسلام الديمقراطي “مقابل أطروحات التخلف والغلو والعنف أو الارهاب أو الإقصاء أو انتهاك الحريات”. و قال أنه فعل ذلك ومازل منذ أكثر من خمسين سنة، و ان كتبه ومقالاته ومواقفه شاهدة، وذلك واجب الدين والوطن.
هذا و شدد الغنوشي أن حركة النهضة التونسية في طريق الديمقراطية والإعتدال والبحث عن التوافق والتعاون، وإحترام مؤسسات الدولة وقوانينها، والتعاون مع كل من يحترم الديمقراطية لتجعل من قيمة الحرية والديمقراطية في أعلى سلم قيمها وإهتمامها وتضحياتها وتنازلاتها عند الإقتضاء.
و قال رئيس حركة النهضة إنه وإذا كانت تونس – من بين دول عربية شقيقة كثيرة جرت فيها ثورات في نفس الوقت – فقد إستمرت عشر سنوات في الديمقراطية رغم كل محاولات “الإرتداد والإنقلاب عليها”، و إنه إذا كانت هذه الديمقراطية الناشئة مازالت صامدة وتناضل ضد الانقلاب عليها بينما إنتكست في أغلب تلك البلدان، فإن ذلك لدليل على حجم التضحيات التي قدمها الشعب التونسي وقواه الأساسية ومنها حركة النهضة بحكمة تصرفها وحمايتها الدائمة للديمقراطية طوال هذه العشرية، وإحباطها لكل محاولات الإلتفاف عليها منذ الثورة الى اليوم بما في ذلك بعد “الإنقلاب الغاشم “في 25 جويلية 2021 وفق تعبيره.
هذا و إعترف الغنوسي أنه و مما لا شك فيه توجود هناك أخطاء في “هذه الملحمة التونسية”، وكثيرون يتحملون المسؤولية ومنها النهضة ولكن ليس وحدها كما يحاول البعض الإيهام بذلك وتزوير التاريخ والواقع، و أن أهم الأخطاء هي ضعف المنجز الاقتصادي. لكن ذلك “لا يلغي ما تحقق في العشرية ولا يبرر وصفها بعشرية الخراب” وفق ما قال.
و اضاف أنه متأكد أن هناك مقارنة موضوعية وعلمية ومرتكزة على الأرقام بين هذه العشرية وسابقاتها ستكون لصالح هذه العشرية في كل ما يتعلق بالزيادة في الأجور والتقريب بينها، وفي العناية بالفقراء وزيادة منحهم، وفي مدّ الطرقات والمسالك الريفية وتعبيدها، وفي السكن الإجتماعي وفي التنوير والربط بالماء الصالح للشراب، و في تسوية أوضاع العمل الهش لعشرات الالاف في مختلف المجالات وفي توسيع التغطية الصحية هذا فضلا على ضمان حريات التعبير والتنظم والصحافة والاحتجاج واحترام الديمقراطية التي ارتفعت إلى مستوى أعرق الديمقراطيات الخ، و أضاف أن تونس لن تتمكن في تحقيق النمو الموعود والمأمول بسبب نقص الاستقرار وكثرة الضغوط وحتى الاحتجاجات، وهي أسباب أخرت إنجاز الاصلاحات المستوجبة..
و أكد الغنوشي إستمرار المحاولات وتتنوع الأساليب لإستهداف حركة النهضة ورموزها في محاولات دؤوبة لا تفتر لربطها بالإرهاب والتآمر على البلاد، ولتحولها من حالة سياسية يتعاطى معها بالديمقراطية إلى ملف أمني وقضائي. وهذه اليوم إحداها. و شدد أنه “كل ما عجزوا عن هزم الحركة عبر صندوق الاقتراع كل ما تم اللجوء إلى محاولة توظيف القضاء والأمن وبعض وسائل الإعلام لضربها. وعادة ما يأتي ذلك والبلاد تستشرف محطة سياسية مثل الاستفتاء الذي رفضوه، و مثل الانتخابات التي يعدّ لها في غيابهم و الذي عوقبت النهضة من أجله. و أضاف ” أنهم لن يفلحوا ولكنهم بذلك يدمرون الديمقراطية ومؤسسات النظام الجمهوري ويعمقون أزمة البلاد وعزلتها ويدفعون بها الى التناحر والفقر والفوضى، إلى المجهول”.
و صرح الغموشي أنه قد حُوكِم بتهم سياسية وسجن في عهدي بورقيبة وبن علي وحكم عله بالإعدام من أجل قيادته لحزب سياسي و قد رفضوا الاعتراف بحقه في الوجود وأصروا على إعتباره وغيره من الأحزاب قضية أمنية لا قضية سياسية كما هي الحقيقة. و “صبرت النهضة ورجالها ونساؤها وتحملت من الظلم ما تعلمون وما لا تعلمون حتى تحررت الثورة البلاد من الظلم والقهر”. و اكد “نيتهم اليوم محاكمته بتهم حق عام، مضيفا أنه أفنى عمره في الكفاح من أجل دولة قانون عادل ومؤسسات ممثلة للشعب لا منصبة عليه”، و أنه قد صرح بممتلكاته أكثر من مرة بكل شفافية ولكنهم “لا يتوقفون عن تعمد التشويه والإفتراء، وهذا من أبشع أنواع الظلم” وفق تعبيره.
هذا و الغنوشي على خشيته عن نفسه “من صنيعهم المشين”، و على تونس ومكاسبها وعلى حقوق المواطن السياسية الاقتصادية والاجتماعية فيها، من ضياع عمرها وجهدها في تآكل داخلي وإنقسامات مهلكة، تتغذّى يوميا من خطابات الكراهية والشحن والشيطنة للمختلف، بما يسيء إلى صورة بلدنا ويطرد العصافير من شجرتها ولا يستبقي لها صديقا”.
هذا و قد و أضاف أنه مطمئن في سنه هذه وبعد كل تاريخي الفكري والسياسي و التنظيمي و لا يخشى ما يبيتونه له، كما أنه لا يخشى على حركة النهضة “مادامت تدافع عن قضايا وطنية صحيحة ومنحازة للقيم الحرية والديمقراطية والإسلام المعتدل ومصالح البلاد، وما دامت تسعى للتجدد والإصلاح والتطوير”. و أن لا مستقبل يليق بتونس والتونسيين إلا في احترام الحرية والديمقراطية ومؤسساتها الشرعية، والتركيز على الأولويات الاقتصادية والتنموية وإنجاز الإصلاحات الضرورية وإحترام حياد الإدارة والجيش والأمن وإستقلال القضاء، و “تثمين قيم العمل والبذل وإحترام قيم العيش المشترك ونبذ الكراهية والعنف، كما فعلت كل الأمم التي سبقتنا في طريق التحرر والتقدم” .وأنه وحركة النهضة وأعون بهذا وملتزمون بمواصلة النضال من أجل تحقيقه وبالتعاون مع كل المؤمنين بدولة مدنية ديمقراطية في خدمة شعبها، ومستعدون لتقديم التضحيات او التنازلات من أجل ذلك .
مضيفا انه يثمن جهود المحامين الذين يستميتون في الدفاع عن المضطهدين، و على هذا النضال الموصول الذي عرفناه في كل أجيال المحاماة التونسية، و جهود الاعلاميين الذين ينهضون بهذا القطاع الهام في الارتقاء بالوعي ونشر الحقيقة وحماية حرية التعبير والصحافة باعتبارها رسالة نبيلة وحيوية لبناء مجتمع ديمقراطي.