بدأ الأمر في 11 ماي 2024 عندما تم اقتحام دار المحامي واعتقال المحامية والمعلقة سنية الدهماني من قبل عدد من أعوان الأمن بسبب تصريح أدلت به الدهماني خلال حضورها في برنامج تلفزي حول وضعية المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء والذي عرف بقضية “هايلة البلاد، حُكِمت في تلك القضية ابتدائيا بسنة سجنا ثم استئنافيا ب8 أشهر أما اليوم 11 ماي 2025 سنية الدهماني أصبحت تواجه 5 قضايا كلها على معنى المرسوم 54 كما أنها مهددة ب20 سنة سجنا إضافية .
أيُ جُرمٍ ارتكبته سنية حتى يتم الزج بها في السجن؟
تمر سنة على إيقاف المحامية سنية الدهماني بعد أن أصبحت محالة في 5 قضايا على معنى المرسوم 54 حُكمت إلى اليوم في قضيتين فقط هما ما عرفت بقضية “هائلة البلاد” والتي تم الحكم فيها بسنة سجنا ابتدائيا ثم 8 أشهر استئنافيا.
كانت رملة الدهماني شقيقة سنية نقلت في تدوينة لها في وقت سابق ما جاء على لسان سنية أثناء محاكمتها في القضية:
مش أنا اللي صغرت تونس كيف قلت شوف أكا البلاد الهائلة انتوما اللي صغرتوها بمحاكمتكم الظالمة وأحكامكم الجائرة انتوما اللي تصغرو في تونس قدام العالم الكل.
والقضية الثانية بسبب تصريح تلفزي وعرفت بقضية العنصرية التي تواجه فيها عقوبة بسنة ونصف.
وتتعلق القضية الثالثة بالعنصرية على خلفية تصريح إذاعي أعادت فيه نفس محتوى التصريح الأول- “القضية المحكومة فيها بسنة ونصف”
وبالنسبة إلى القضية الرابعة أحيلت من أجل تصريح إعلامي قالت فيه إن وضعية السجون غير انسانية.
القضية الخامسة المحالة من أجلها الدهماني انطلقت بشكاية من وزيرة العدل ليلى جفال وتتعلق بتصريح لسنية قالت فيه: “شدان الناس في الحبوسات ماهوش إنجاز ” .
وبخصوص وضعية سنية داخل السجن قالت المحامية هناء هطاي في تصريح لكشف ميديا إن المعاملة داخل السجن في تحسن بعد العديد من الشكايات لكن وضعها الصحي يزداد سوءا من يوم إلى آخر
بعد عام بدنها بدا يرخ، عندها السكر ، ضغط الدم وبرشا أعراض مش عادية.
من جهته قال مهدي الدهماني شقيق سنية في تصريح لكشف إنه عند دخول سنية السجن لم تكن تشكو من أي مرض أما اليوم فقد أصبحت تعاني مرض السكر وضغط الدم كذلك الروماتيزم.
نأمل في رفع المظلمة عن سنية الدهماني بعد أن دفعت فاتورة باهظة الثمن دون ارتكاب أي فعل يدينها أو جرم يستوجب سجنها
مضيفا أن المعاملة داخل السجن في تحسن رغم وجود تعليمات من أجل مزيد تعذيب سنية والتنكيل بها.
وخلال ندوة صحفية اليوم أكد زياد دبار نقيب الصحفيين التونسيين أن “سنية تقبع في السجن ومحالة في كل القضايا على معنى المرسوم 54 على خلفية آراء ومواقف عبرت عنها لاغير” وقال إن “مكانها الطبيعي ليس السجن وإنما إلى جانب زملائها داخل أروقة المحاكم أو في إحدى المحطات الإذاعية مثلها مثل بقية الصحفيين المتواجدين داخل السجن على غرار شذى الحاج مبارك ومراد الزغيدي وبرهان بسيس”.
السلطة الحالية ترفع شعارات الثورة المركزية من شغل وحرية وكرامة وطنية وتطبق في الآن ذاته في قوانين الرئيس الراحل زين العابدين بن علي
في ذات السياق قال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي: “مرت سنة من التنكيل والظلم ،عام من الهرسلة القضائية والدوس على الحقوق والحريات وعبر عن كل تضامنه عن كل من طاله الظلم بعد أصبحنا نعيش وضع حقوقي بلغ إلى درجة الزج بالسجن كل من يخالف السلطة الرأي” وفق تعبيره.
مشيرا إلى أنه “لا يمكن الحديث عن دولة القانون والمؤسسات في ظل أحكام سجنية للتشفي وللهرسلة القضائية”
ما الغاية من العقوبة السجنية؟ هل تمثل سنية الدهماني خطرا على المجتمع! أظن أن الرسالة وصلت، كفى ظلما وتنكيلا بسنية فمؤسسات الدولة لا تنتقم و لا تتشفى
شدد منتصر نفزي كاتب عام الجمعية التونسية للمحامين الشبان على أن الرهانات الحقيقية للبلاد هي اقتصادية واجتماعية وليست الزج بالسجون.
باسطا حبس يكفي من السجون، يكفي من خطاب التخوين
وكان المحامي سامي بن غازي قد كتب في تدوينة له أمس: تقبع الأستاذة سنية الدهماني في السجن منذ أكثر من عام، لا لذنبٍ اقترفته، ولا لجُرمٍ ثبت عليه دليل، بل لأنها عبّرت عن رأي، وصدحت بكلمة، ولم تتردّد لحظةً في ممارسة حقّها الأصيل في التعبير؛ ذاك الحقّ الذي تكفله المواثيق، وتصونه الدساتير، وتُقدّسه ضمائر الأمم الحيّة”.
مضيفا: “ثمانية أشهر أمضتها خلف القضبان، لأنّها نطقت بعبارة “البلاد الهايلة”، وها هي اليوم تُثقل بسنةٍ ونصف أخرى، بحكم استئنافيّ نهائيّ، فقط لأنها تجرّأت على توصيف الواقع كما هو، وقالت، في لحظة صفاء وصدق: إنّ العنصرية في بلادنا ليست وهمًا ولا مزاعم، بل هي واقع متجذّر، مأساة يومية، يتنفسها ضحاياها في صمتٍ موجِع”.
“ما لم تفهمه السلطة، وما لن تفهمه يومًا، هو أن القيد لا يُلغي الصوت، وأن الزنزانة لا تخمد الفكرة، وأن من شربوا من نبع الحرية لا يُشبهون من اعتادوها صدقةً تُمنح”.
يذكر أنه في الفترة الأخيرة انتظمت عديد المسيرات والتحركات الاحتجاجية الرافضة للنظام الحالي وآخيرها يوم 1 ماي 2025 المنددة بإيقاف المحامي والقاضي السابق أحمد صواب أين خرج العشرات وصدحوا بصوت واحد “هائلة البلاد..قمع واستبداد”، لسائل أن يسأل هل سيقع تتبع كل من رفع صوته بالقول “هائلة البلاد”، هل بات حال البلاد أفضل بعد أن زُج بسنية الدهماني داخل السجن؟.