شهد شهر ماي 248 تحركا اجتماعيا، مسجلا بذلك زيادة بنحو 21 بالمائة مقارنة بشهر أفريل الذي عرف 195 تحركا، ليكون بالتالي الشهر الاعلى احتجاجا منذ بداية السنة، وفق تقرير للمرصد الاجتماعي التونسي التابع للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ولفت المرصد الاجتماعي التونسي في تقرير أصدره اليوم الخميس 6 جوان 2024 حول الاحتجاجات الاجتماعية، أن المطالب ذات الصبغة الحقوقية قد تصدرت المشهد الاحتجاجي لشهر ماي، ورفعت في غالبيتها شعارات تنادي بالحق في الولوج للقضاء والمحاكمة العادلة والحق في حرية الرأي والتعبير وفي صحافة حرة مستقلة متعددة. وخاض المحامون بعد حادثتي إقتحام الأمن لمقر هيئة المحامين وما رافقها من أعمال عنف سلسلة من التحركات سادتها حالة من الاحتقان والغضب اثثت بوقفات احتجاجية أمام المؤسسات القضائية في مختلف الولايات، وتوجت بإضراب عام سجل حضورا مكثفا للمحامين بلباسهم الموحد أمام المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة.
وخرج خلال نفس الشهر مئات المحتجين للشوارع منددين بحملة الاعتقالات والايقافات التي طالت نشطاء وصحفيين ومدونين ومحامين ورسامي غرافيتي ومواطنون على معنى المرسوم 54 الذي يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وحاد عنه ليتحول الى اداة اساسية للتخويف وتكميم الأفواه.
ولم يخلو المشهد الاحتجاجي من المطالب الاقتصادية والاجتماعية، فحافظ العاطلون عن العمل على المرتبة الثانية من ناحية الفاعلين الاجتماعيين بعد المحامون وسجل الشهر احتجاجات لعمال وأساتذة ومعلمين وموظفين، عكست تحركاتهم في مجملها حالة من الإحباط وعدم الرضا على الوضع الاقتصادي وتعلقت بعدم صرف الأجور والمستحقات وتحسين ظروف العمل وحقوق العمال والتنديد بالعنف، وفق ذات التقرير.
وتوزعت مظاهر الإحتجاج على كافة الولايات الجمهورية دون استثناء، واحتلت فيها ولاية قفصة للشهر الخامس على التوالي المرتبة الاولى بتسجيلها ل55 احتجاجا، تليها كل من ولايتي القيروان وقبلي بتسجيل كل منهما 20 تحركا، في حين تراجعت تونس العاصمة إلى المركز الرابع بعد تسجيلها ل 15تحركا.
وأشار التقرير الى أن المحامون قد تصدروا قائمة الفاعلين/ات الاجتماعيين لشهر ماي بمجموع 75 تحركا، كما برز السكان في المرتبة الثانية ضمن قائمة أكثر الفئات احتجاجا، حيث خرجوا للتعبير عن عدم رضاهم بخصوص العديد من الإشكاليات التي تعلقت إما بالمرافق الأساسية مثل انقطاع التيار الكهربائي، أو إرتفاع الأسعار أو اهتراء البنية التحتية وغيرها من الاحتياجات. ولم تغب تحركات العمال والموظفون عن خارطة الاحتجاج وخاض آلاف الأساتذة المتعاقدين تحركات تصعيدية، كما لوحوا بترك المؤسسات التعليمية والخروج إلى الشوارع من جديد بعد التاخر المسجل في صرف أجورهم.. ليبقى ملفهم ضمن ابرز الملفات العالقة لدى الحكومات المتعاقبة والتي رغم الوعود والاتفاقات الممضاة لم يسجل التقدم المطلوب بشكل خلق مزيدا من الاحتقان داخل القطاع التربوي وجعله في كل مرة محل هزات يكون فيها التلميذ الخاسر الأكبر.
وتواصلت على مدار شهر ماي تحركات في علاقة بملف المهاجرين في تونس رفض خلالها المحتجون طريقة التعامل المتذبذبة التي تعتمدها الحكومة في تناول ملف إنساني بامتياز وارتهانها لاملاءات الاتحاد الأوروبي الذي جعل من تونس ما يشبه المصيدة بالنسبة للمهاجرين.
وشهدت أماكن الاحتجاج خلال شهر ماي تغيرا واضحا مقارنة بالأشهر السابقة، أين احتلت المؤسسات القضائية المركز الأول ضمن الفضاءات الأكثر تسجيلا للاحتجاج، تليها الأماكن العامة التي اتخذها الفاعلون فضاءات للتعبير عن غضبهم في 32 مناسبة ثم تأتي شركة فسفاط قفصة بنفس عدد التحركات يليها في ذلك مقرات العمل ب 26 تحركا ثم الطرقات والمقرات الإدارية.
واحتجاجات الفاعلين الاجتماعيين جاءت بالأساس في شكل وقفات احتجاجية اين انتظمت خلال شهر ماي 88 وقفة. وبنفس النسق التجأ المحتجون الى الاضراب (82 إضرابا) في المقابل تراجعت الاعتصام الى ال 36 اعتصاما مسجلة انخفاض بنحو ال 50% مقارنة بشهر افريل الذي كانت فيه في حدود ال 72.
ووفق ذات التقرير، يعكس الارتفاع المسجل في منسوب الوقفات الاحتجاجية عودة واضحة الى الشوارع الذي عرف انسحاب نسبي للفاعلين في الاشهر السابقة، وقد تمحورت الاحتجاجات حول التنديد بالقرارات القضائية وحملات التخويف والترهيب وسجلت عودة لشعارات الثورة المبنية على المطالبة بالحق في الرأي والتعبير والتشغيل والكرامة.
وعلى غرار الأشهر السابقة مثلت الاحتجاجات المنظمة النسبة الأكبر من التحركات أين بلغت 93 بالمائة من التحركات المسجلة، مقابل 7 بالمائة فقط جاءت في شكل غير منظم.
وكانت الاحتجاجات في 245 منها في شكل جماعي في مقابل 3 منها كانت في شكل فردي وشهدت معظم التحركات مشاركة متساوية للجنسين، في مقابل كانت 03 تحركات نسوية بالاساس وتعلقت بمطلب الحق في الماء الصالح للشرب في ولاية قفصة وبوضع حد للانتهاكات والاعتداءات البيئية المسجلة في ولاية القيروان.