وكشف التقرير الذي قدمته الرابطة، خلال ندوة نظمتها اليوم السبت بالعاصمة، بمناسبة احتفالها بالذكرى 48 لتأسيسها، أن ظاهرة الاكتظاظ في السجون التونسية بلغت 150 بالمائة في أغلب السجون، وتجاوزت 200 بالمائة في بعضها الآخر.
ونبّه رئيس الرابطة بسام الطريفي إلى أن هذه الظاهرة يترتب عنها مشاكل أخرى، على غرار نقص التهوئة ونقص التغطية الصحية وتردي نوعية الأكلة وعدم كفايتها، مضيفا أن تضافر هذه العوامل “قد يحول السجون إلى بؤر للأمراض المعدية التي تنعدم فيها الظروف الانسانية، ويسبب تدهور الحالة النفسية للمساجين وأعوان السجون على حد السواء”، وفق تعبيره.
في المقابل، قال الطريفي إن الرابطة سجلت تحسنا في حالة السجون مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة، داعيا وزارة العدل إلى الترفيع في ميزانية الهيئة العامة للسجون والإصلاح لبلوغ المعايير الإنسانية المستوجبة لإقامة السجناء.
وأوضح أن الرابطة أعدت هذا التقرير، بعد زيارتها أغلب السجون التونسية في الفترة الممتدة من 2022-2025 ورصدها واقع السجون، وأنها ضمنت تقريرها عديد التوصيات على مستوى الهيكلة والتشريع.
وأفاد رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فتحي جراي،من جانبه، بأن السجون التونسية شهدت في السنتين الأخيرتين “اكتظاظا غير مسبوق”، وفق تقديره، حيث زاد عدد السجناء بما لا يقل عن 10 آلاف سجين، وقفز العدد الإجمالي للمساجين من 23 ألف سجين إلى 33 ألفا، معتبرا أن هذه الزيادة “تعكس الإيقافات التعسفية وبطء المسار القضائي”، حسب قوله.
وبين أن طاقة استيعاب السجون التونسية لا تزيد عن 17 ألف سجين، معتبرا “أن ظروف الإيداع حاليا مخلة بأبسط المعايير الدولية والقواعد النموذجية في معاملة السجناء”، حسب تقديره.
وصرح بأن تونس التي أنشأت أول آلية وقائية من التعذيب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جديرة بأن تكون أول بلد خال من التعذيب، مثلما كانت سباقة في صياغة الدساتير وإلغاء الرق، مؤكدا أن الهيئة والرابطة تسعيان إلى أن تكون الأماكن السالبة للحرية أماكن غير سالبة للحقوق.
وتضمن التقرير وفق وات الذي ورد في أكثر من 70 صفحة، الإطار القانوني والمؤسساتي المنظم لأماكن الاحتجاز في تونس، فيما خصص القسم الثاني منه لرصد الواقع الراهن لأوضاع السجون التونسية بين الوقاية والتقصي. كما استعرض القسم الثالث الانتهاكات المرصودة من قبل فريق الرابطة، وخصص القسم الرابع من التقرير للتوصيات الختامية لتغيير واقع السجون.
كان الطريفي قد أكد خلال كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بالذكرى 48 لتأسيس الرابطة أن ما حصل أمس من اقتحام لمجلسها الوطني خير دليل على أن “خطابنا يقلق السلطة الحاكمة، كل السلطات المتعاقبة يقلقها خطاب الرابطة المدافع عن الحقوق والحريات”.
وأكد “الدفاع عن حقوق الإنسان ليس ترفا بل ضرورة وطنية لضمان الاستقرار والعدالة الاجتماعية والتماسك المجتمعي”.
وشدد الطريفي على أن الرابطة تُدين تواصل المحاكمات السياسية ومحاكمات الرأي واستعمال القضاء لتصفية الخصوم، معبّرا عن تضامنها مع المساجين السياسيين ومساجين الرأي والصحفيين القابعين في السجون.
وتابع “نتضامن مع الشعب التونسي الذي تُنتهك اليوم كل حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية”.