كتب أمين عام حزب العمال حمة الهمامي مقالا في جردية الشارع المغاربي تحدث فيها عما أسماها أولى الأكاذيب أو الأخاديع التي أطلقها الصادق بلعيد، رئيس اللجنة الاستشارية للجمهورية الجديد.
وأشار الهمامي إلى أن هذه “الأخاديع تتعلق بالفصل الأوّل من الدستور، فقد صرّح أكثر من مرّة (في البداية لأورو نيوز) على غرار “سيّده” الجديد، بأن تغيير هذا الفصل يهدف إلى قطع الطريق أمام من استغل أو يستغل الدين “لغايات سياسية” وهو يقصد بالطبع حركة النهضة وتوابعها وما يسمّى عادة “الإسلام السياسي” حتى وإن كانت العبارة غير علمية في رأينا لأن الإسلام مثله مثل الديانات الأخرى ولد سياسيا وظل سياسيا على الدوام ووظفته كل سلطة دفاعا عن مصالحها”.
مضيفاً
بلعيد لم يجبنا عن سؤال محوري: هل أنه بحذف هذا الفصل أخرجنا من مجال توظيف الدين في السياسة؟ هل أنه أولجنا نهائيا في عالم الحداثة التي تفصل الدين عن السياسية وتعتبره مسألة شخصية لا حقّ للدولة وأجهزتها حشر أنفها فيها وتوزع الحقوق حسب الانتماء الديني أو العقائدي؟ وبعبارة أخرى هل أخرجنا من دولة “التراتبية الدينية” إلى دولة المواطنة أي الدولة العلمانية الضامنة الحقيقية للحقوق والحريات بما فيها الحرية الدينية دون ميز؟
ورد عن هذا السؤال قال حمة، “بالطبع لا. إن ترديد بلعيد لقولة قيس سعيد “الدولة ذات معنوية ولا يمكن أن يكون لها دين لأنها لا تصلي ولا تصوم ولا تحج…” لتبرير حذف الفصل الأول من الدستور هو مجرد حيلة للعودة بنا إلى مفاهيم أكثر “أصولية” مما هو موجود في ذلك الفصل، وهو مفهوم “الأمّة” (communauté) بالمعنى الديني، القرآني (خير أمة أخرجت للناس)، لا بالمعنى الحديث المرتبط بالثورات الديمقراطية البورجوازية وبمفهوم “الدولة-الأمة” ومؤسساتها.
مشيرا إلى أنه دوق الخوض كثيرا في معنى الأمة الديني، التقليدي، وهو مفهوم هلامي، تجاوزه الزمن بحكم التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية/الفكرية للمجتمعات البشرية، فإنّ السّؤال الذي يعنينا هنا هو التالي: هل أن تعويض عبارة “والإسلام دينها” (الضمير يعود بكل تأكيد على تونس)، بعبارة “الإسلام دين الأمة” أو ما يشابهها سيجنّبنا توظيف الدين سياسيا؟ بالطبع لا. فـ”الإسلام دين الأمة” يعني أن “الأمة” ستعيش بـ”دينها”، فتكون تشريعاتها وقوانينها من “دينها” (الدين حسب ما يحدده الماسك بالسلطة) لننتهي إلى دولة دينية أو شبه دينية، تطبق الشريعة في الواقع. وهو ما يعنيه قيس سعيد بقوله يوم توديع أول وفد للحجيج بمطار قرطاج، إن الدولة تطبق “مقاصد الشريعة”.