بوسمة: الدولة تُستنزف وكل محاولة للالتفاف على هذا الواقع تؤجل الانفجار فقط

أفاد، اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025، النائب بالبرلمان حليم بوسمة، بأن "تعد تونس تملك رفاهة الوقت ولا ترف المناورة. فما نعيشه اليوم ليس أزمة عابرة، بل حصيلة سنوات من التردّد، وسوء التقدير، وغياب القرار".

4 دقيقة

وأضاف بوسمة، في تدوينة على فيسبوك، “بعد قانون مالية ثقيل، وإجراءات اجتماعية غير مؤطّرة ضمن رؤية اقتصادية متماسكة، بات واضحا أنّ إدارة الأزمة لم تعد كافية، وأنّ الاستمرار في نفس الخيارات هو وصفة مؤكدة لمزيد من الإنهاك والعجز”.

وشدّد على أن “الدولة تُستنزف، والاقتصاد يختنق، والثقة تتآكل. وكل محاولة للالتفاف على هذا الواقع، أو تزيينه بخطاب مريح، لا تغيّر الحقيقة، بل تؤجّل الانفجار فقط”.

وأوضح النائب أن التجارب السابقة أثبتت أنّ الانتدابات غير المدروسة لا تصنع عدالة اجتماعية، وأنّ الضغط الجبائي لا يُنتج نموّا، وأنّ القوانين المعزولة عن رؤية شاملة لا تُنقذ دولة، ووصف ما يحدث اليوم بأنه توسّع في كتلة الأجور مقابل انكماش في الاستثمار وتراجع في الإنتاج وغياب مشروع اقتصادي واضح المعالم، وفق تعبره.

واعتبر بوسمة أن الأخطر من ذلك هو أن “الفريق الحكومي الحالي لم يعد قادرا على حمل المرحلة، ليس من باب التشكيك في النوايا، بل من باب قراءة النتائج، فالمرحلة القادمة لا تحتاج إلى مسيّرين للوقت، بل إلى صنّاع قرار. وهنا يصبح التحوير الوزاري العميق والشجاع ليس خيارا سياسا، بل واجبا وطنيا عاجلا”.

وبيّن أن التحوير الوزاري يجب أن يقطع مع منطق إدارة الأزمة، ويؤسس لفريق حكومي يفهم الاقتصاد الحقيقي لا النظري، يملك الجرأة على الإصلاح، ويتحمّل كلفة القرار بدل الهروب منه، وفق قوله.

وتابع حليم بوسمة تدوينته “وفي خضمّ هذا التعطّل، لا بدّ من تسمية أحد أخطر أسباب الانسداد باسمه الحقيقي: الخطاب الشعبوي الذي تسلّل إلى التشريع، وإلى القرار، وإلى إدارة الشأن العام”.

واعتبر أنه “من واجب المسؤولية الوطنية، أن يتدخّل العقلاء لوضع حدّ للعبث بالدولة عبر تشريعات شعبوية، مؤدلجة، تُقدَّم في ثوب “ثوري” وهي في حقيقتها وصفات فشل جاهزة. فالشعبوية لا تبني اقتصادًا، ولا تخلق ثروة، ولا تحمي سيادة، بل تُدير الغضب بدل أن تُدير الدولة، وتُغذّي الوهم بدل أن تُنتج الحلول”.

وشدّد على أن “قوانين تُصاغ بمنطق الانتقام لا بمنطق الإصلاح، تُخنق بها المبادرة، ويُطارد بها الاستثمار، وتُشلّ بها الإدارة، في وقت يتحرّك فيه العالم بسرعة البرق نحو الرقمنة، والذكاء الاصطناعي، وسلاسل القيمة الجديدة. الدول التي تحكمها الشعارات بدل الأرقام، وتُدار بالعاطفة بدل الكفاءة، محكوم عليها بالعجز والتراجع مهما علا صراخها”.

وأضاف بوسمة “إنّ من يدّعون اليوم “المعارضة” ليسوا سوى مجموعة محدودة، متفرّقة، لفظها الداخل ورفضها الخارج، وتحوّلت إلى أدوات مناورة تحتضنها بعض الدوائر الأجنبية وتستعملها عند الحاجة”.

واعتبر أن “هذه المجموعات” انتهت سياسيا ووطنيا، ولم يعد لها أي امتداد حقيقي داخل المجتمع، حيث اقتصر جل نشاطها اقتصر على شاشات فايسبوكية “تشتم وتسبّ”، ومعها قلة في الداخل تربطها مصالح خاصة بجهات أجنبية، تشتغل لحسابها الخاص، وتعيش في رغد واضح بفضل أموال تتدفّق من خارج الوطن، من أطراف لا تريد الخير لتونس ولا استقرارها، وفق ما جاء في نص التدوينة.

وأكّد أن “المعركة الحقيقية اليوم ليست مع هؤلاء، بل مع التردّد، ومع تعطيل العمل، ومع ثقافة الانتظار. المطلوب اليوم، دولةً وشعبًا، هو الرجوع إلى الجادّة، والعودة إلى العمل، والانخراط في معركة البناء والإنتاج.”.

وشدّد على أن فتونس دولة تملك كل مقومات النجاح والتقدّم والازدهار، ولا يجوز أن تُستنزف طاقتها في الالتفات إلى من خانوا دولتهم أو راهنوا على فشلها، وفق تعبيره.
وأكّد أهمية القيام بمصالحة اقتصادية حقيقية لأنه من دون ذلك “ستظلّ الدولة في صراع دائم مع نفسها، لا يمكن بناء اقتصاد قوي بإقصاء الطاقات، ولا استعادة النمو بتخوين الاستثمار، ولا تحقيق العدالة الاجتماعية دون خلق الثروة. الدولة القوية تُصلح وتُدمج، لا تُغلق وتُعاقب فقط”.

وتابع النائب “كما أنّ استمرار إدارة عمومية مثقلة، بطيئة، ومقاومة للإصلاح، هو أحد أكبر معوّقات الدولة. إعادة بناء الإدارة، رقمنتها، تدقيقها، وربط المسؤولية بالمحاسبة لم تعد شعارات إصلاح، بل شروط بقاء”.

تنويه

بمشاركة

لا يوجد مساهمين

مقالات مشابهة​