أصدر المرصد الاجتماعي التونسي التابع للمنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية، اليوم الإثنين 14 أفريل 2025، تقريره الرقمي الدوري للثلاثية الأولى من سنة 2025 (جانفي-مارس 2025 ) تحت عنوان “نسق تصاعدي للحراك الاحتجاجي.. انتحار بطعم الاحتجاج.. وعنف وسط تواصل الإفلات من العقاب”.
وأكد المرصد، عودة الفاعل الاحتجاجي خلال بداية سنة 2025 للتحرك والمطالبة، لينتهي الربع الأول منها، بتسجيل 1132 تحركا احتجاجيا. استعادت بها الاشهر الاولى للسنة طفرتها، وتضاعف معها نسق الاحتجاج بنحو ال 238% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية 2024، أين تم رصد 475 تحركا فقط خلال الثلاثية الأولى واعتبرت السنة الأضعف من حيث الحراكات على امتداد سنوات ما بعد 2011.
ووفق ذات المصدر، شكلت المطالب المرتبطة بتسوية الوضعيات المهنية لملفات اجتماعية تقليدية عالقة، على غرار عمال وعاملات الحضائر والمعلمين والاساتذة النواب، والحق في تشغيل العاطلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا، وتحسين ظروف العمل وصرف المستحقات.. محور أساسي للحراك خلال الاشهر الاولى للسنة ومثلت في مجملها نسبة في حدود الـ 53%.
وعلى عكس المعهود مثل الخطاب الرسمي الصادر عن رئاسة الجمهورية، والذي دعا خلال في أكثر من مناسبة الى انهاء العمل بالعقود الهشة او المناولة وتسوية الوضعيات المهنية العالقة وتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة، محفزا لانطلاق موجة من التحركات والاعتصامات مع بداية السنة، قفزت معها الارقام وتضاعفت أكثر من مرة ولولا حلول شهر رمضان خلال شهر مارس لما تراجع نسقها أو كبح جماحها.
وعرف شهر مارس العدد الأضعف من حيث التحركات منذ بداية السنة اين شهد 217 تحركا بالمقارنة مع شهري فيفري الذي سجل 432 تحركا وشهر جانفي الذي تم خلاله رصد 483 تحركا احتجاجيا، كما تراجع نسق اعتماد الفاعل الاجتماعي للفضاء الرقمي كإطار للمطالبة خلال الربع الأول لسنة 2025، لفائدة الفضاء العام بما في ذلك مقرات العمل والطرقات والأماكن العامة والساحات والمؤسسات القضائية والسجون.
ويواصل المرصد الاجتماعي التونسي، متابعة حالة عدم الرضا لدى عموم التونسيين، بسبب ارتفاع الأسعار وتدني المستوى المعيشي وصعوبة مواجهة متطلبات الحياة.. فضلا عن احتجاجه عن سوء البنية التحتية وتردي الخدمات الإدارية العمومية وضعف أسطول النقل، وتواصل انقطاع مياه الشرب وتذبذب نسق التزود بها، والذي أصبح معضلة يعاني منها السكان بشكل دائم ويومي في مدن وارياف كل ولايات الجمهورية دون استثناء.
وتسجل الاشهر الثلاث الاولى للسنة مزيد تراجع في مجال حرية التعبير والصحافة وتضاعف التهديدات والانتهاكات، ويرتفع فيها مستوى التضييق على الصحفيين و مستعملي شبكات التواصل الاجتماعي. ويشهد حدث تنظيم الجلسة الأولى لمحاكمة المتهمين فيما يعرف بقضية التآمر يوم 4 مارس 2025 عودة شرسة لحملات التشويه والسحل الإلكتروني التي استهدفت كل صوت مدافع عن حق المتهمين في محاكمة حضورية وليست عن بعد تتوفر فيها جميع أسس المحاكمة العادلة.
وأكد المرصد “تشبث الجانب الرسمي بخطابات التخوين والتقسيم واعتماد سردية ثنائية الوطنيون وغير الوطنيون والمتآمرون على أمن الدولة واستقرارها.. وفي الوقت نفسه، يسوء اكثر وضع المهاجرين من دول جنوب الصحراء وسط سياق من تنامي العنف والتمييز ضدهم والضبابية في علاقة بمصائرهم بعد أن وجدوا أنفسهم محاصرين وسط حقول الزيتون في معتمديتي العامرة وجبنيانة من ولاية صفاقس… غير قادرين على المغادرة أو تحقيق حلم الوصول إلى الضفة الشمالية للمتوسط”.
في نفس الوقت، لاحظ استمرار حركات المساندة للمقاومة الفلسطينية على امتداد الأشهر الأولى للسنة، تنديدا بتواصل الإبادة الجماعية التي ينفذها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية لتتضاعف أنشطة المساندة من قبل التونسيين والتونسيات وتتخذ في كل مرة أشكالا ثقافية واقتصادية ( مقاطعة) اكثر تنوعا وثراء.
و بالأرقام احتل الموظفون والعمال والمعطلون المرتبة الأولى فيما يهم الفاعلون الذين نظموا تحركات خلال الربع الأول للسنة، اين مثلوا الفاعل الأساسي في نحو نصف التحركات المسجلة. يليهم في ذلك النشطاء والحقوقيين والنقابيين والطلبة والمساجين والصحفيين، الذين شكلوا ربع التحركات التي شهدتها الساحات والميادين منذ بداية السنة. كما عرفت نفس الفترة تحركات للسكان والفلاحين والتجار وسواق النقل الفردي والنقل العمومي للحافلات والتلاميذ والأولياء وأعوان الصحة والاطارات الطبية واحباء الفرق الرياضية واللاعبين.
وتواصل تونس العاصمة بما تعكسه من مركزية للقرار احتلال المرتبة الأولى من حيث الجهات التي تعرف زخما احتجاجيا خلال الربع الأول للسنة، أين عرفت لوحدها 293 تحركا اجتماعيا. يليها ولاية تطاوين ب75 تحركا ثم ولاية قفصة ب 74 تحركا ثم القيروان ب61 تحركا وجندوبة ب54 تحركا ونابل 53 تحركا ومدنين 51 تحركا ثم تأتي كل من ولاية توزر وسيدي بوزيد ب50 تحركا ثم ولاية القصرين ب 48 تحركا احتجاجيا فبنزرت ب 40 تحركا وكل من سوسة ومنوبة ب36 تحركا… وتوزعت رقعة الاحتجاج لتشمل كل ولايات الجمهورية دون استثناء وسجلت زغوان أضعف عدد أين شهدت 12 تحركا على امتداد الثلاثة أشهر الأولى للسنة.
وكانت التحركات المرصودة في أكثر من 88% ميدانية، تم خلالها اساسا اعتماد الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات والإضرابات عن العمل فضلا عن تعطيل النشاط وإضرابات الجوع وغلق الطرقات وحمل الشارة الحمراء وأيام الغضب وغلق مقرات العمل.. في حين جاء البقية في إطار رقمي، على شكل نداءات وعرائض وبيانات تنديد عبر وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. كما لم تخضع التحركات المسجلة خلال الثلاثة أشهر الأولى للسنة، إلى نوع من التوزيع الجندري، اين انتظم 984 تحركا منها مشتركا في المقابل اثث الرجال 107 تحركا وجاءت 41 منها نسوية بالأساس.
واتجه الفاعل الاجتماعي في أكثر من 80% من التحركات التي خاضها نحو السلط الرسمية بمختلف تمثلاتها من رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة وسلط جهوية ووزارات وبلديات وولاة، أما البقية فكان السلط القضائية وصاحب العمل المعني الأول بها.
أخبار ذات صلة: