يوافق اليوم 13 أوت 2025 العيد الوطني للمرأة في مناخ عام أجمعت مختلف الأطياف السياسية بأنه لا معنى فيه لأي احتفال في ظل امتلاء سجون النظام بسجينات الرأي والكلمة والنشاط السياسي والمدني، في ظل غياب التأمين الصحي لآلاف العاملات الفلاحيات وفي ظل ارتفاع عدد جرائم القتل ضدهن فأي عيد هذا الذي غابت فيه مظاهر الاحتفال وحلت مظاهر الاحتجاج؟
نسانا في الحبس!
سنية الدهماني، عبير موسي ، شذى الحاج مبارك، سوار برقاوي، ليلى قلال، إيمان الورداني، شريفة الرياحي، سعدية مصباح، و سلوى غريسة، نساء يقبعن خلف القضبان لمجرّد كلمة حق أو موقف حر أو فعل تضامني إنساني.
في هذا السياق تقول جمعيات ومنظمات حقوقية في بيان مشترك لها إن “سجن وملاحقة الناشطات والنشطاء، يعدّ عودة إلى عهود الاستبداد والقمع والظلم والتجريم المجاني وسلب الحريات وتكميم الأفواه”.
ورفضا لسياسة تكميم الأفواه “انطلقت اليوم مسيرة احتجاجية لأنصار الحزب الدستوري الحر انطلاقا من أمام مقر ولاية تونس وصولا إلى وزارة المرأة والأسرة مطالبة بإطلاق سراح رئيسة الحزب عبير موسي هاتفين “ماناش ساكتين ونسانا مسجونين”، “حريات حريات للنساء السجينات “.
تقول الممثلة ليلى الشابي في تصريح لكشف ميديا إن عيد المرأة تحول من مناسبة للإحتفال إلى مناسبة للاحتجاج بعد تراجع المكتسبات التي حققتها المرأة التونسية، واستنكرت الدعوة إلى تعدّد الزوجات والعفو العام في قضايا النفقة.
وشددت محدثتنا على أن “رئيسة الحزب الدستوري الحر تقبع في السجن وتواجه عقوبة الإعدام دون جريمة فقط بسبب معارضتها للنظام الحالي كذلك الحال بالنسبة إلى المحامية سنية الدهماني
تواجه سنية الدهماني جملة من القضايا بسبب انتقادها لوضعية السجون التي اكتشفنا حالتها المريعة “
من جهته يقول أمين عام حزب العمال حمة الهمامي في حديثة لكشف ميديا إنّ نساء تونس عرضة لأكثر بطالة وفقر وعنف والتقتيل، إضافة إلى ارتفاع ظاهرة النساء السجينات حيث لم يشهد تاريخ تونس مثل هذا العدد الكبير من السجينات السياسيات
وهو ما تؤكده رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات رجاء الدهماني إذ كشفت أن لسجون أصبحت مفتوحة للنساء وأكثر من 20 ناشطة تقبع اليوم في السجن فقط لأنها قالت كلمة حق أو أبدت برأيها…كيف نحتفل وأصوات المظلومات ما زالت تتحدّى جدار الصمت والقمع؟
نساء كادحات مهمشات
في عيدهن أيضا دون تأمين صحي ودون أجر واضح حيث كشفت دراسة ميدانية للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية خلال شهر ماي 2025 أن 98 بالمائة من النساء العاملات في القطاع الفلاحي يتقاضين أجرا يوميا لا يتجاوز 20 دينارا دون اعتبار اقتطاعات وسيط النقل.
وأضاف ذات الدراسة أن 92 بالمائة من العاملات الفلاحيات لا يتمتعن بتغطية اجتماعية و 78 بالمائة منهن يتعرضن الى كافة أشكال العنف.
وكانت قد توفيت ثلاث عاملات فلاحيات وأصيبت أكثر من عشرين أخريات يوم 29 ماي 2025 في منطقة دار السلام (الكاف)، إثر حادث جدّ خلال نقلهن إلى إحدى الضيعات الفلاحية، وهذه الحادثة ليست بمعزل عن حالات أخرى إذ تفيد بعض الأرقام بأن حوادث نقل العاملات الفلاحيات متكررة منذ سنوات تم تسجيل منذ سنة 2015 ما لا يقل عن 88 حادث مرور لعربات نقل العاملات الفلاحيات، أسفرت عن 65 وفاة، مع تسجيل نصف هذه الحوادث تقريبًا بولايتي سيدي بوزيد والقيروان، ما يكشف عن إهمال واضح لسلامة النقل وظروف التنقل.
أرقام تعكس حجم الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الفلاحة، وتدق ناقوس الخطر بشأن الحاجة الملحّة لإصلاحات جذرية تضمن كرامة العاملات وحمايتهن من الاستغلال
ورغم صدور مرسوم لتنظيم هذا النوع من النقل وتوسيع الحماية الاجتماعية للمعنيات، لم تُسجّل أية خطوة فعلية لتطبيقه ولم يقع وضع حد إلى هذا النزيف فكيف نحتفل ومازالت هذه الفئة تتعرض للانتهاكات ، وتواجه خطرا يهدد سلامتها الجسدية ويمس من كرامتها البشرية أمام صمت وتجاهل؟ .
ارتفاع عدد جرائم القتل ضد النساء
بيّن التقرير السنوي لحصيلة ضحايا جرائم تقتيل النساء في تونس لسنة 2024، حصول 26 جريمة قتل ومحاولة قتل واحدة، وبلغ عدد ضحايا هذه الجرائم 30 ضحية على اعتبار أنّ الجريمة الواحدة استهدفت في بعض الحالات أكثر من شخص.
وأوضح التقرير أنّ أغلب جرائم القتل بالأساس ارتكبت على الزوجات. كما شملت 4 جرائم والدة الزوجة إلى جانب الضحية الرئيسية وهي الزوجة وجريمة واحدة تمّ من خلالها تقتيل الابنة إلى جانب الزوجة.
ويعود تقتيل ضحايا عرضيين من النساء مثل والدة الزوجة والإبنة إلى جانب الضحية الرئيسية (زوجة أو طليقة) عندما تتحصّن الزوجة أو الطليقة بمنزل الأولياء نتيجة العنف المسلط عليها أو إثر انفصال واقعي أو طلاق، حيث يفقد القاتل سيطرته على الضحية مما يجعله يرتكب الجريمة أو عندما تعرب وتظهر الأم مساندة وحماية لابنتها من العنف الممارس، عليها كما تقتل الابنة من قبل والدها علاوة على الأم إما لأنها كانت شاهدة عيان على عملية قتل والدتها أو بسبب التشفي من الأم باعتبار أن الابنة هي نسخة مطابقة لوالدتها.
وفي علاقة بتوزيع الجرائم حسب الفئات العمرية للضحايا، تُبين نتائج التقرير إلى وجود 3 جرائم تقتيل النساء سنّ الضحايا أقلّ من 18 سنة، جريمتيْ تقتيل للنساء سن الضحايا بين 19 و25 سنة و7 جرائم تقتيل النساء سن الضحايا بين 26 و35 سنة و5 جرائم تقتيل النساء سن الضحايا بين 36 و45 سنة و5 جرائم تقتيل النساء سن الضحايا بين 46-60 سنة و4 جرائم تقتيل النساء سن الضحايا تفوق أعمارهن 60 سنة، وقد قتلت مسنة بالغة من العمر 90 سنة.
وتمثّل فئة النساء بين 26 و35 سنة أعلى نسبة بـ 28% مقارنة بالشرائح العمرية الأخرى، لكن العدد الجملي للنساء المقتولات الذي يفوق سنّهم 35 سنة، هي أكثر من عدد النساء والفتيات المقتولات التي لم تبلغ سنّ 35.
وفي ظل تردي واقع المرأة التونسية يبقى المطلب الأساسي هو ضمان حقوق النساء وكرامتهن، وحرية أجسادهن وأفكارهن، وحقّهن في رفع أصواتهن داخل الفضاء العام دون خوف أو قمع ونجدد التأكيد على أن الكلمة الحرة لا تقيد والفكر الحر لا يسجن.
مقالات ذات صلة