أثار البيان الذي أصدرته الرابطة التونسية لحقوق الإنسان حول سوريا، بتاريخ 13 ديسمبر 2024، جدلا واسعا وجملة من الانتقادات، حيث اعتبره البعض بيانا مسيّسا ومؤدلجا ولايرتقي لمنظمة تعمل في مجال حقوق الإنسان لأنه لم يتطرق إلى الوضع الإنساني للمحررين من سجون بشار الأسد وما عانوه من انتهاكات وتعذيب لمدة سنوات.
الصحفي ومدير مكتب الجزيرة في تونس لطفي الحجي انتقد البيان الذي لم يشر إلى “تلك الفظاعات، بل بدا كأنه تحذيرا من الثورة السورية وأسفا على سقوط الدكتاتور الأسد”.
وأشار إلى أن هذا البيان لا يشرفني ولا يشرف الرابطيين الأحرار الذين ضحوا في أحلك الظروف لتبقى الرابطة قلعة من قلاع الدفاع عن الحقوق والحريات مهما كان انتماء المظطهد وعرقه ودينه ولون”.
ودعا الحجي الذي كان نائب رئيس فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من سنة 2003 إلى سنة 2011، وعضو الهيئة المديرة للرابطة من سنة 2011 إلى سنة 2016، الهيئة المديرة للرابطة لسحب البيان والاعتذار عنه.
من جانبه، اعتبر الصحفي ومراسل التلفزيون العربي في تونس علي القاسمي أن بيان الرابطة “محبط” وهو “موقف سياسي أصلا لا يصدر عن منظمة حقوقية وهو من حيث القيمة فاقد القيمة سواء في تونس أو في سوريا”.
وكتب القاسمي “خلاصة القول المجتمع المدني التونسي بفكره الحالي الذي جرّبناه في شأننا الداخلي و في الموقف من الأحداث الخارجية لا يبني ديمقراطية ولا حقوق”.
وفي سياق متصل قال نائب الأمين العام لحزب العمل والإنجاز أحمد النفاتي، أن العديد من أعضاء الرابطة لم يجدوا في أحزابهم منصات لتحقيق طموحاتهم السياسية، فاختاروا ممارسة السياسة تحت غطاء حقوقي.
مشيرا إلى أن “هذا التحول أفرغ خطاب الرابطة من مضمونه الحقوقي، ليصبح وسيلة لتحقيق أجندات أيديولوجية للبعض بعيدة تمامًا عن قيم الدفاع عن الحقوق والحريات”.
وأضاف أن بيان الرابطة عبّر “عن رؤية منحازة ومبتورة لا تعكس جوهر الدفاع عن الحقوق والحريات”، لأنه عوض أن يركز على معاناة الشعب السوري وقضيته المحورية في التحرر من القمع والاستبداد توقا في الحد الأدنى من الحقوق والحريات، انشغل بوصف الثورة السورية كجزء من ”عدوان” ضمن مشروع استعماري، متجاهلا بذلك مطالب الملايين من السوريين في الحرية والكرامة، وفق تعبيره.
وأمام كم الانتقادات التي وُجّهت للرابطة التونسية لحقوق الإنسان على خلفية هذا البيان، كتب بسام الطريفي رئيس الرابطة تدوينة عبّر فيها عن تمسّكه ببيان المجلس الوطني للرابطة فيما يتعلق بالعدوان الصهيوني على سوريا .
وأوضح أن موقف الرابطة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي اقترفها لمدة سنوات نظام بشار الأسد و الجرائم التي ارتكبها ثابت وموثق ولا جدال فيه وكانت الرابطة، مشيرا إلى الرابطة عبّرت عن هذا الموقف سابقا في عديد المناسبات حتى في فترة حكم بشار الأسد.
وكانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان قد أصدرت بيانا يعتبر أن العدوان على سوريا يندرج في إطار مشروع استعماري قائم على توطين قوى موغلة في الرجعية من أجل توسع الكيان الصهيوني وتقسيم سوريا وإعادة تشكيل المنطقة.
ونبُه إلى أن ما يحدث في سوريا إنما هو حلقة في مسار تصفية المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ودعا كل القوى الديمقراطية لمواجهة هذا المسار، وذلك بمزيد الإلتفاف حول قضايانا الجوهرية العادلة.