ماذا يحدث في المزونة؟ أيُ إجراءات رأتها الدولة أنسب لتشفي غليل أبناء الجهة؟ .
“مش ضحايا الجدار هم ضحايا الاستهتار”
حادثة خلفت حزنا ولوعة في قلوب العائلة الأصدقاء وكل التونسيين فخرجوا أبناء الجهة إلى الشوارع في محاولة لإبلاغ صوتهم للسلط المعنية، ورفعوا عديد اللافتات كتب على أحدها: “حجارة المدرسة تأكل أبناءها” وتعالت الأصوات “تلامذة في عمر الزهور والموت تحت الصخور” أجمعت أغلبها على أن التلاميذ ليسوا ضحايا الجدار بل ضحايا الاستهتار.
وفي العاصمة أيضا خرج العشرات مساء أمس الثلاثاء في مسيرة انطلقت من أمام المسرح البلدي وصولا إلى مقر وزارة الداخلية،بحضور عدد من النشطاء في المجتمع المدني أين رفعت عدد من الشعارات على غرار وزارة التربية 404 ودولة لاهية بحيوط الفيسبوك بوليسية وتعزيزات قبل الطبة والاسعافات وصدحت الحناجر ناقدة ما آلت إليه الأوضاع في البلاد” يا عساس الطليان جيب الليقة و السيمان …سراقين بلادنا قتالين أولادنا”.
المزونة: احتقان بعد “الانهيار”
تلى تشييع جثماني اثنين من أبناء المنطقة أمس إحراق إطارات سيارات، وتظاهر العشرات أمام مركز للحرس الوطني في المدينة التي تعاني من التهميش حسب وصف عدد من المحتجين في تصريحات متطابقة لكشف ميديا.
“ما فماش حتى لفتة للمزونة مافما حتى حد يسمعنا يعطيو المسؤولية لناس ماتستحقهاش”
شهادات متنوعة تكشف حجم معاناة أبناء الجهة في مجال الصحة التعليم وتردي البنية التحتية وغيرها من المشاكل الأخرى.
“كل المؤسسات التربوية بالمنطقة آيلة للسقوط و المزونة بكلها خايخة”
كشفت إحدى الأساتذة بالمعهد عن حدوث واقعة مشابهة سنة 1990 حيث توفيت إحدى التلميذات نتيجة الفيضانات بالمنطقة في تلك الفترة
“طردوني من المعهد نهائيا بسبب المشاركة في انتفاضة تندد بتردي الوضع ورفضا لما حصل مع التلميذة …ها أنا اليوم مجددا أرفض ما حدث لأبنائنا”
تواصلت الاحتجاجات بلغت حد الاحتقان مساء أمس حيث اندلعت مواجهات بين عدد من الشبان والقوات الأمنية، وفق ما أكّده الكاتب العام المُساعد للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالمزُّونة، سامي الخصخوصي في تصريح إذاعي .
وأوضح الخصخوصي أن “حالة الإحتقان والغضب جاءت بعد أن بلغ إلى مسامع الأهالي أنباء مفادها إمكانية زيارة عدد من المسؤولين للجهة لكن لم يحدث”
ويستمر إلى اليوم تعليق الدروس بكافة المؤسسات التربوية بمدينة المزونة من ولاية سيدي بوزيد، كما يشهد الشارع الرئيسي بالمدينة شللا تاما مع إغلاق المحلات والمقاهي وغياب التلاميذ عن مقاعد الدراسة وسط انتشار مخلفات العجلات المحترقة والحواجز بالشوارع.
بعد الفاجعة غاب المسؤولون وحضرت التعزيزات الأمنية
تحدث أحد أبناء الجهة بكل حسرة عن الغياب التام للمسؤولين رغم الفاجعة التي حلت بهم قائلا:
أمهات كبدتها مشوية على صغارها بعد ما كانوا يستناو في فرحة نجاحهم بالباك… أحنا را ستنينا قرارات مش تعزيزات أمنية احنا مش ارهابيين.
استنكر المحتجون أيضا قطع التيار الكهربائي بالمزونة عقب احتجاج الأهالي واستعمال الغاز المسيل للدموع معتبرين أن الحديث عن زلزال وراء هذه الفاجعة لا صحة له بل أن سور المعهد منذ زمن طويل مهدد بالسقوط.
يذكر أنه في ساعة متأخرة من ليل الإثنين أعلنت رئاسة الجمهورية في بيان لها أن الرئيس قيس سعيد أصدر “تعليماته بتحميل المسؤولية لكل من قصّر في أداء واجبه”.
كما حثّ على التحسّب مستقبلا من تكرار مثل هذه الحوادث الأليمة والإسراع بالقيام بأعمال الصيانة اللازمة لكل المؤسسات التربوية التي تستوجب وضعيتها ذلك.
وفاة عدد من التلاميذ بمدينة المزونة بولاية سيدي بوزيد جاء نتيجة لانهيار جدار كان متداعيا للسقوط منذ وقت طويل شاءت الأقدار ألا يسقط بزلزال قوة رجّته 4 درجات على سلم ريشتر يوم 17 فيفري من السنة الجارية، ولم يكن هذا الجدار على غرار غيره من الجدران في حاجة لا إلى خبراء ولا إلى لجان بل فقط إلى إعادة بناء من جديد.
مدير المعهد كبش فداء لإطفاء نار الغضب
تم الإحتفاظ بمدير المعهد الثانوي بالمزونة ووجهت له تهمة القتل والجرح عن غير قصد رغم أنه توجه في وقت سابق بمراسلة إلى المندوب الجهوي للتربية بسيدي بوزيد منذ سنة 2022 وجاء في نص المراسلة:
أحيطكم علما أن سور المدرسة يتطلب تدخلا عاجلا نظرا لحدوث تشققات من كافة الجهات حيث أصبح متداعيا للسقوط
وكان أمس قد أكد قيس بن عمر، مواطن أصيل منطقة المزونة من ولاية سيدي بوزيد أنه التقى بمدير المعهد منذ فترة وقد قام الأخير بمراسلة السلطات المعنية حول الجدار وهو غير مسؤول عن هذه الفاجعة محملا المسؤولية لبعض المسؤولين على غرار معتمد الجهة ورئيس البلدية خاصة وأن وضعية الجدار كانت واضحة للعيان وكان آيل للسقوط في أي لحظة
في المقابل حمِّل عدد من المنظمات والأحزاب المسؤولية السياسية في فاجعة المزونة لأعلى سلطة في الدولة حيث كتب القيادي بالتيار الديمقراطي هشام العجبوني في تدوينة له اثر الفاجعة : السلطة المطلقة يجب أن تقابلها مسؤولية مطلقة
لا يمكن أن تمنح لنفسك صلاحيّات شبه إلاهيّة وتعيّن وتعزل كما تشاء، وهذا اختيار منك، ثم تقوم برمي المسؤولية على من تقوم بتعيينهم وتتنصّل تماما من المسؤولية…
كما حمل الحزب الجمهوري في بلاغ له الحكومة ورئاسة الجمهورية، وفي مقدمتها رئيس الدولة، المسؤولية السياسية والأخلاقية الكاملة، خاصة في ظل ” الخطاب المتكرر حول “البناء والتشييد”، في وقت تنهار فيه جدران المؤسسات العمومية على رؤوس أبنائها”.
كان رئيس الجمهورية قد صرح سابقا بأن الدستور الحقيقي هو ما خطه االشباب على الجدران و الحال أن الجدران سقطت عليهم وقبرت معها أحلامهم ففاجعة المزونة ليست الأولى بل تنضاف إلى سلسلة من الحوادث السابقة التى عاشت على وقعها البلاد “الكردونة “رحلة عمدون” وغيرها من الحوادث الأخرى التي تكشف تردي المرافق العمومية
المزيد