تناول رئيس الجمهورية قيس سعيّد في اللقاء الذي جمعه، أمس الإثنين 3 جوان 2024 بقصر قرطاج، بليلى جفال، وزيرة العدل، مشروع تنقيح عدد من فصول المجلة التجارية المتعلقة بنظام التعامل بالشيك.
وشدّد سعيد، وفق البلاغ الصادر عن رئاسة الجمهورية، على أن مشروع التنقيح يجب أن يكون قائما على التوازن بين كل الأطراف من الساحب والمسحوب عليه والمؤسسات المصرفية والمالية، ويقطع نهائيا مع النظام القانوني الحالي وما أدى إليه من ضحايا.
وأكّد رئيس الجمهورية على ضرورة أن يكون هذا المشروع قائما على التوازن المنشود وفي نفس الوقت مكمّلا وموضحا ورافعا لكل لبس يتعلّق بمشروع القانون المتعلق بتنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية.
وأوضح رئيس الجمهورية أن المسؤولية الوطنية تقتضي إرساء العدل بتشريعات جديدة تنصف المظلوم وتقضي نهائيا مع نظام قانوني للشيك لا توازن ولا عدل فيه.
وكان إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان قد أشرف أمس الاثنين 3 جوان 2024 على الاجتماع الأوّل للجنة التشريع العام المخصّص للنظر في مشروع القانون المتعلّق بتنقيح أحكام الفصل 411 من المجلّة التجارية مشددا على الأهمية التي يكتسيها مشروع هذا القانون الذي طُلب استعجال النظر فيه ، اعتبارا لعلاقته الوثيقة بتطوير السياسة الجزائية في اتجاه دعم دور العدالة في دفع الاقتصاد الوطني والأخذ بعين الاعتبار الإكراهات المالية والاجتماعية للمتعاملين الاقتصاديين وخاصة المستثمرين والمؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وقدّم بودربالة، وفق البلاغ الصادر عن البرلمان، لمحة تاريخية عن الفصل 411 من المجلّة التجارية ومختلف التنقيحات التي شملته منذ صدوره وخاصة تنقيح 2 جويلية 1977 ، مستعرضا كيفية التعامل مع جرائم الشيك في مختلف الأطوار ، وما رافقها من إشكاليات تتصل بمختلف الأطراف المتدخلة . وأشار من ناحية أخرى الى تطوّر عدد قضايا الصك دون رصيد وتأثيراتها المالية والاقتصادية والاجتماعية، التي تطلّبت مراجعة جذرية للتشريعات ذات العلاقة.
وبعد التطرّق لخصوصيات مشروع القانون المعروض، أكّد بودربالة أهمية إحكام توظيف الحلول القانونية والقضائية، مبيّنا أنّ المصلحة العامة تقتضي ضرورة سنّ تشريع ريادي وشجاع، يقوم على دراسة معمّقة للتنقيح من جوانبه القانونية والقضائية والاقتصادية والاجتماعية للتوصّل الى سنّ تشريع يخدم مصلحة الجميع، وذلك بالنظر لمخلّفات جريمة الصك دون رصيد وتداعياتها على كل المستويات.
وتقدّم الحاضرون بعديد الملاحظات والاستفسارات بخصوص مشروع القانون المعروض ومدى استجابته للانتظارات والطموحات. كما أشاروا الى عديد الإشكاليات المطروحة في علاقة بهذا الموضوع ومختلف الأطراف المعنية به. و أبرزوا أهمية الاستئناس بالأعمال السابقة التي قامت بها اللجنة في علاقة بالفصل 411 من المجلة التجارية. وأبدوا استعدادهم لدراسة مشروع هذا القانون وتعميق النظر فيه مع تقديم الإضافات المستوجبة بما يتماشى مع الدور الموكول للوظيفة التشريعية.
وقد جدّد بودربالة التأكيد على أهمية دراسة مشروع هذا القانون بصورة موضوعية والتعاطي معه بكل رويّة واتّزان، مع مراعاة عديد الجوانب الهامة وخاصة منها ما يتعلق بمسألة اثارة الدعوى العمومية، وكيفية معالجة الوضعيات السابقة ، وكذلك الجرائم المستقبلية والعقوبات، معربا عن أمله في التوصّل الى نص قانوني يلبّي تطلّعات مختلف الأطراف.
كما يشار إلى أن جلسة عمل في قصر قرطاج تم عقدها يوم الاثنين 27 ماي الفارط خصصت لإستكمال مبادرة تنقيح قانون الشيكات، حيث أعلنت رئاسة الجمهورية في بلاغ لها أن المشروع المتعلق بتنقيح أحكام الفصل 411 من المجلة التجارية تم توجيهه إلى البرلمان التونسي ومن بين ما ورد فيه “اعتماد إجراءات الصلح بالوساطة قبل إثارة الدعوى العمومية، هذا فضلاً على أن التتبعات الجزائية لا يمكن أن تثار إلا بناء على شكاية من المستفيد”.
وأشارت رئاسة الجمهورية الى أنه من بين ما ورد بالمشروع إرساء منصات إلكترونية للتعامل بالشيك والتي ستتيح للمستفيد من الشيك التثبت الفوري والمجاني من الرصيد المتوفر الذي يغطي مبلغ الشيك لدى المصرف، كما أن المشروع الذي تم تقديمه إلى البرلمان يتضمن جملة من الأحكام من بينها إمكانية تقديم مطلب من قبل المحكوم عليه بهدف مراجعة العقوبات السجنية وذلك بضم بعضها لبعض وهو إجراء لم يكن معمولا به في السابق، وكذلك الحط من مدة العقوبة بالسجن إذا كانت تساوي أو تفوق العشرين عاما إلى عشرة أعوام، وإذا كانت العقوبة دون العشرين عاما فإنه يتم الحط منها إلى النصف، وذلك بالإضافة إلى إمكانية إيقاف تنفيذ العقاب بالنسبة للمحكوم عليه الذي يقوم بخلاص مبلغ الشيك أو باقي قيمته. وهذه الإجراءات من شأنها أن تتيح الإفراج عن الكثيرين المحكوم عليهم بالسجن أو لم يتمكنوا وهم خارجه من تسوية وضعياتهم.
كما تضمّن هذا المشروع إلغاء الخطية والمصاريف بالنسبة للمحكوم عليهم الذين يقومون بخلاص مبلغ الشيك أو باقي قيمته. وهذه الأحكام سيكون لها أثر رجعي ومن شأنها وضع حد لأوضاع لا يستفيد منها أحد، فمن هو وراء القضبان سيسترجع نشاطه الاقتصادي، ومن هو خارجها في وضع غير قانوني ستُفتح له السبل لتسوية وضعيته والعودة إلى نشاطه الاقتصادي. وهذه التعديلات سواء منها المتعلقة بالفصل 411 من المجلة التجارية أو بالفصل 410 منها كفيلة بتحقيق التوازن المنشود بين حرية المدين وحق الدائن ومسؤولية المصرف.