قال القاضي المعفي حمادي الرحماني في تدوينة على صفحته بالفايسبوك، مساء أمس الأحد 23 جانفي 2023، إنه تم بلوغ “الليلة العشرون بعد الثلاثمائة من قضاء الرئيس – قضاء العسكر”، كما أسماه، واصفا المرحلة بـ “انتهاكات بالجملة في محاكمة محامين ونواب”.
ونقل الرحماني على صفحته تدوينة لرئيس حزب المجد عبد الوهاب الهاني، فيما يلي نصها.
“…خطير! انتهاكات قانونيَّة ودستوريَّة بالجُملة لحقوق الدِّفاع ولحقوق الإنسان أمام “القضاء العسكري” قضاء الاستثناء.. إصرار وزراء التَّدابير الاستثنائيَّة… للعدل والدَّاخليَّة والدِّفاع على توظيف القضاء العدلي والقضاء العسكري لمعاقبة المعارضين لتوجُّهات رئيس الجمهوريَّة ولممارسات سلطات التَّدابير الاستثنائيَّة، وخرق “بالجملة والتَّفصيل” لقوانين البلاد، لا يمكن أن يلقى غير الشَّجب والإدانة والتَّنديد وطنيَّا ودوليًّا، فلا يمُكن لعقل قانوني أو حقوقي ولأيِ ضمير إنساني أن يقبل ب:
ـ إحالة ومحاكمة شخص مرَّتيْن أمام هيئتيْن قضائيَّتيْن في نفس الوقت من أجل نفس الوقائع دون سند ولا مبرِّر قانوني ولا واقعي،
ـ وخرق شروط “المحاكمة العادلة” وشرط “نزاهة الهيئة القضائيَّة” ومبدأ “وُجدان القاضي الطَّاهر” برفض تفعيل آليَّات التَّجريح القضائي والإبقاء على قُضاة محلِّ منازعة قضائيَّة مع “الخُصوم” المُحالين أمامها،
ـ وإقرار “عقوبات عسكريَّة استثنائيَّة” من خارج النَّص القانوني ومن خارج ملف القضيَّة بابتداع عقوبة تكميليَّة غير منصوص عليها بالقانون ب “الحرمان من مممارسة مهنة المُحاماة” في حق الأستاذ المهدي زقروبة المُحامي في شكل عقوبة مزدوجة ممنوعة عُرفا وفقها وقانونا،
ـ ومعاقبة محاميَيْن الأستاذ المهدي زقروبة والأستاذ سيف الدِّين مخلوف على سلوكهما، أثناء أداء مهامِّهما الدُّستوريَّة في معاونة حرفائهما (مهما كان الموقف أو الاستساغة أو التَّقييم الشَّخصي)، ومن خارج الآليَّات التَّأديبيَّة الَّتي تختص بها الهيئة المِهنيَّة لوحدها حصرا، في تعدّْ صارخ على حقوق الدِّفاع المكفولة عُرفا وفقها وقانونا ودستورا، منذ دستور المجلس القومي التَّأسيسي لغرَّة جوان 1959 ودستور المجلس الوطني التَّأسيسي المُورَّخ في 27 جانفي 2014 وحتَّى في دستور الرَّئيس محلِّ “الجدل “الشَّرعي” أمام المحاكم الدُّوليَّة (المحكمة الإفريقيَّة لحقوق الإنسان والشُّعوب) والمؤرَّخ في 17 أوت 2022 وبالمواثيق الدُّوليَّة والإقليميَّة الَّتي صادقت عليها بلادنا وأصبحنا طرفا فيها بكامل الحقوق وبكامل الواجبات والالتزامات كاملة غير منقوصة،
ـ وإكساء الأحكام التَّعسُّفيَّة طابع “التَّنفيذ العاجل” دون انتظار آجال الطَّعن بالتَّعقيب في المادَّة العسكريَّة، ولا حتَّى احترام إجراءات التَّنفيذ المنصوص عليها في المساطر الإجرائيَّة الجزائيَّة العدليَّة والعسكريَّة،
ـ والتَّعدِّي الفاحش على صلوحيَّات الهيئة الوطنيَّة للمحامين في مسك سجلِّ المحامين واختصاصها التَّأديبي الحصري ووو..
كلُّها خروقات وانتهاكات جسيمة لحقوق لإنسان ستدفع تونس ضريبتها غاليا داخليًّا وخارجيًّا وللأسف الشَّديد..
فبلادنا تستعدُّ لاعتماد تقرير وتوصيات الاستعراض الدَّوري الشَّامل لحقوق الإنسان أمام مجلس الأمم المُتَّحدة لحقوق الإنسان يوم 24 مارس القادم، بعد استعراض أوضاعنا أمام المجلس في 8 نوفمبر الماضي.. وكان “الامتناع عن إحالة مدنيِّين أمام المحاكم العسكريَّة” من أبرز توصيات النُّظراء من دول العالم لتونس..
وبالإضافة للإدانة المبدئيَّة لهاته الخروقات العظيمة لحقوق الدِّفاع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فإنَّ توقيت هاته “المحاكمات”/الانتهاكات يدعو للرِّيبة؛
فهي تأتي قبل أسبوع واحد فقط من الدَّور الثَّاني لانتخاب “برلمان الرَّئيس” لتفعيل “دستور الرَّئيس”، بعد دور أوَّل تميَّز بالعزوف الواسع والمقاطعة العريضة، وكأنَّ جهة ما…تريد تمريغ القانون إرضاء لرغباتها الانتقاميَّة لتأجيج “الغضب الشَّعبوي” ضدَّ خصومها و”الحشد” لما تسميِّيه “الحقد الثَّوري” وما هو بثوري بل هو “الحقد الأعمى”، طمعا في “رصِّ صفوفها المهترئة” ليوم الأحد 29 جانفي 2023..
ولكنَّ هاذا التَّوقيت الغبيّْ يسوق رئيس الجمهوريَّة وحكومته… لمزيد من الابتعاد عن المعايير الدُّوليَّة لحقوق الإنسان ولمزيد من العُزلة الدُّوليَّة، شهرا واحدا فقط قبل مرور تونس امام مجلس الأمم المُتَّحدة لحقوق الإنسان لمعرفة ما إن كانت تونس تقبل بتوصيات المنتظم الأممي بـ: “الامتناع عن إحالة مدنيِّين أمام المحاكم العسكريَّة”، و”تنقيح القوانين لمنع إحالة مدنيِّين أمام المحاكم العسكريَّة” و”احترام حقوق الإنسان في النُّصوص وفي الواقع” و”احترام استقلاليَّة القضاء واستقلاليَّة السُّلطة القضائيَّة” و”العودة للشَّرعيَّة الدُّستوريَّة”.