وأشار عبو، في تدوينة على فيسبوك، إلى أنه “سبق لتونس أن صادقت على اتفاقيات دولية عديدة تخص القانون الدولي الإنساني مع نشر قانون المصادقة دون نص الاتفاقية”.
وأضاف أن هذا “الخطأ أصلح بنشر نصوص تلك الاتفاقيات بالرائد الرسمي سنة 2008 وغالبا في إطار الإصلاحات المقررة لإرضاء الغرب، فما الضرر الذي حصل من معرفة الرأي العام لنص اتفاقيات منع استعمال بعض الأسلحة مثلا أو اتفاقية عدم سقوط جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بمرور الزمن؟”.
وأشار محمد عبو إلى أنه “في شهر جوان 2020، وفي موضوع لا علاقة له بالأمن القومي تم في مجلس وزاري عرض مشروع أمر حكومي أعدته وزارتا الداخلية والعدل يخص إنشاء وحدة للأمن الوطني ووحدة للحرس الوطني تختصان في القضايا المالية المتشعبة وتعملان مع القطب القضائي الاقتصادي والمالي، وتعطل إصدار النص لوجود خلاف وحيد حوله يتعلق بعدم نشره بالرائد الرسمي، علما وأنه تم إعلام العموم في بداية العهدة بإنهاء العمل بالأوامر السرية”.
وشدّد على أنه “تم إصدار الأمر ثم إنشاء الوحدتين لاحقا في عهد حكومة المشيشي، ولو اطلعتم عليه لاكتشفتم أنه ليس فيه ما يمكن أن يشكل سرا يضر بالأمن أو بسير العدالة معرفة العموم به، وكذلك الأمر بالنسبة لأمر تنظيم مصالح الأمن بوزارة الداخلية الصادر قبل الثورة دون نشره. إنما هي ثقافة محافظة أملت السرية دون مبرر منطقي”.
وأكّد عبو “منذ سيطرة السيد قيس سعيد على السلطة غابت الشفافية تماما وتم القطع مع بعض المكاسب المسجلة في تاريخ الدولة
والإدارة كحق النفاذ والنشر الطوعي للمعطيات ومع نشر تقارير محكمة المحاسبات ومع تجربة قصيرة في نشر تقارير الهيئات الرقابية مهما كانت خطورتها، ولم نعد نعلم شيئا عن وجود الأوامر الفردية والترتيبية التي لا تنشر وعن دوافع عدم نشرها”.
وأشار إلى أنه “اليوم تخرج وثيقة وصفت بأنها اتفاق حكومي، وسبقتها تسريبات في وسائل إعلام أجنبية عن اتفاق خطير، يشكّل ولو أمضاه وزير أو رئيس، جريمة خطرة لو حصل ذلك فعلا، ويكتفي وزير الدفاع قبل نشر الوثيقة وجوابا على سؤال لنائبة بعبارات عامة، ويطلب الناس بشكل مشروع ودون ادعاء صحة الوثيقة ولا زيفها بنشرها، ولا تجيب وزارة الدفاع، فتزداد الشكوك، عكس ما فعله المرحوم الباجي قايد السبسي مع انتشار شكوك الرأي العام في مذكرة مع الولايات المتحدة، حيث أمر بنشرها، ولم يحدث هذا النشر أي ضرر”.
وشدّد على أن “المعيار في إخفاء معلومة أمنية أو عسكرية هو أن نشرها للعموم يمكن أن تستفيد منه قوى أجنبية أو إرهابيون أو مجرمون، وعندما يرد في اتفاق أو في مذكرة ما، تعزيز التعاون في مجالات معينة وتبادل معلومات بين الطرفين ومناورات مشتركة، فمعرفة العموم بها لا يمكن أن تشكل أي ضرر”.
وأضاف أنه “بالعكس نريد تعاونا أمنيا وعسكريا واقتصاديا أكبر مع جارتنا الشقيقة، وإذا تصورنا أنها تضمنت فعلا تفاصيل عسكرية لا يجب كشفها، فإن بلاغا يلخص مضمونها بشكل أمين دون تفاصيل يمكن أن يعوض نشر الاتفاق كاملا”.
وأكّد عبو أن “الثقة بين الحاكم والمحكوم غائبة عبر التاريخ، فما بالنا وقد رأينا في السنوات الأخيرة سياسات شديدة الغرابة وضارة بالوطن ليس أقلها تعريض البلاد لخطر الفراغ بتعمد عدم إنشاء المحكمة الدستورية وتصريحات تتجاوز مفهوم الغرابة بسنوات ضوئية، ولا حل إلا الإفصاح دون التعويل على النسيان”.
وطالب الناشط السياسي إمّا بنشر الوثيقة أو ملخص أمين لكل نقاطها يعلن للشعب صاحب السيادة، معتبرا أنه “غير ذلك لا يمكن لوم الناس على تصديق الوثيقة المنشورة واستخلاص النتيجة من الصمت، ولا يمكن التعويل على تخويف الناس ليتوقفوا عن طلب حقهم”.
وتابع “معظم الناس في رأيي، ومنهم معارضون يتمنون جادّين تبين عدم صحة الوثيقة، بعيدا عن أي حساب سياسي ومنه حساب اشتدي أزمة تنفرجي”.
وكانت حركة حق قد طالبت بنشر بنود الاتفاقية الأخيرة مع الجزائر للرأي العام والجهات المختصة للنظر فيها ومناقشتها، واعتبرت أن نشر النص الرسمي هو الإجراء الوحيد الكفيل بتفنيد أي معطيات مغلوطة ووضع حد لحالة الانقسام.
من جانبها، طالبت جبهة الخلاص الوطني السلطات التونسية الإفصاح عن حقيقة اتفاقية تعاون أمنى وعسكري بين الدولة الجزائرية والدولة التونسية ونشرها على الرأي العام وعرضها على المؤسسات ذات النظر.