أصدر المرصد الاجتماعي التونسي، التابع للمنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية، اليوم الجمعة 22 أوت 2025، تقريره للسداسي الأول من سنة 2025 للحركات البيئية، حيث شهدت البلاد التونسية حتى موفى شهر جويلية الفارط، 280 تحركا بيئيا من أصل 2744 تحركا اجتماعيا أي ما يقارب 10 بالمائة من مجموع التحركات االجتماعية.
وقد عرفت هذه التحركات ارتفاعا طفيفا مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، حيث بلغ عددها آنذاك 259 تحركًا بيئيًا.
ومثل الحق في ماء الشرب المطلبية الرئيسية بنسبة 48 بالمائة من مجموع التحركات البيئية، أي ما يعادل 135 تحركا مقابل 56 تحركا لأجل الحق في بيئة سليمة و 89 تحركا فلاحيا. وقد تزامن ارتفاع نسق التحركات البيئية مع انطلاق الموسم الصيفي وارتفاع درجات الحرارة حيث تم تسجيل 192 تحركا بين ماي وجويلية، من بينها 109 تحركا خلال شهر جوان وحده.
كما سجلت ولاية القيروان 24%من مجموع التحركات البيئية بمعدل 67 تحركا تليها قفصة ب28 تحركا ونابل ب27 تحركا.
ووفق ذات التقرير، فقد كانت أغلب التحركات احتجاجًا على الانقطاعات المتكررة لمياه الشرب، حيث تم تسجيل 120 تحركا في 20 ولاية، أبرزها القيروان و قفصة. وشهدت مدن الحوض المنجمي خلال شهر جويلية موجة من الاحتقان والوقفات الاحتجاجية وصولا الى الاعتصام داخل مغاسل الفسفاط في محاولة للضغط من أجل وضع حد للانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب وتمكين كل متساكني الجهة من الحق في الماء خاصة الأحياء المرتفعة التي تعيش حالة من العطش على امتداد السنة وانقطاعات تتواصل لأكثر من أسبوع في الكثير من المناسبات.
كما مثلت التحركات من أجل الحق في بيئة سليمة 20% من مجمل التحركات البيئية حيث تم رصد 22 تحركا للمطالبة برفع التلوث بالفضلات المنزلية والحد من المصبات العشوائية خاصة في القيروان.
كما تم رصد 15 تحركا للحد من التلوث بمياه الصرف الصحي أبرزها كانت في المنستير حيث عادت أزمة تلوث خليج المنستير إلى الواجهة في جوان 2025 ، بعد تسجيل نسب مرتفعة من الملوثات الصناعية والمياه المستعملة التي تصب مباشرة في البحر دون معالجة، وهو ما تسبب في نفوق أعداد كبيرة من الأسماك وأضرار كبيرة لقطاع الصيد البحري، فضلا عن حالة الاحتقان والغضب التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر الأخيرة.
كما تم رصد 9 تحركات ضد ظاهرة التلوث الصناعي أبرزها كانت في قابس حيث يقود المجتمع المدني المحلي منذ شهر ماي حملة ضد مشروع تركيز وحدة لإنتاج الأمونيا الخضراء بالمنطقة الصناعية بقابس وضد إخراج مادة الفوسفوجيبس من قائمة المواد الخطرة. وهو ما اعتبروه مزيدًا من تكريس المنوال الاستخراجي الحالي المستنزف للبيئة وتراجعًا خطيرًا عن قرار تفكيك الوحدات الملوثة الصادر في 29 جوان 2017.
ومثلت التحركات الفلاحية 32% من مجموع التحركات البيئية. وكان توفير مياه الري من بين أهم المطلبيات حيث تم تسجيل 19 تحركا أبرزها كان اعتصام الفلاحة بولاية توزر خلال شهر ماي 2025 على إثر النقص الكبير في مياه الري في عدد من واحات النخيل بالجهة.
كما تم تسجيل 33 تحركا احتجاجيا شغليا للمطالبة بتفعيل الاتفاقيات وتحسين ظروف العمل وكان أبرزها التجمع المركزي لعمال وإطارات القطاع أمام وزارة الفلاحة، ضمن سلسلة من الاحتجاجات بدأت بحمل “الشارة الحمراء” في 12 جوان.
هذا وتعددت المطلبيات الأخرى ومن أهمها كانت النداءات المتواصلة للسلطات المعنية لمكافحة تفشي انتشار الحشرة القرمزية في عديد الولايات على غرار نابل والقيروان ونداءات الاستغاثة بسبب انتشار الجراد الصحراوي خاصة بالقصرين.
كما شهدت ولاية توزر خلال شهر جويلية عاصفة ترابية شديدة تسببت في خسائر مادية وأضرار بالمحاصيل الزراعية. ويُعد تفاقم تغير المناخ من العوامل التي تزيد من حدة وتكرار هذه الظواهر الطبيعية الموسمية. كما ساعدت درجات الحرارة المرتفعة وانتشار الأعشاب الجافة والنشاط البشري على نشوب سلسلة من الحرائق في الغابات ومحاصيل الحبوب والأعلاف في عدة مناطق على غرار باجة وطبرقة وجبل الفراشيش بسليانة حيث أعلنت إدارة الغابات أن المساحة المتضررة جراء الحرائق بلغت 550 هكتارًا حتى منتصف شهر جويلية.
خلال السداسي الأول من سنة 2025 ، تعددت أشكال التحركات البيئية وتنوعت بين ما هو رقمي وميداني، حيث شكل النشاط في الفضاء الرقمي %61% من مجمل التحركات، مقابل %39% منها على الميدان. وبحسب طبيعة هذه التحركات، تصدرت النداءات عبر وسائل الإعلام المشهد بنسبة 50% ، تلتها الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات الإدارات العمومية بنسبة 23% في حين مثلت نداءات الاستغاثة والبيانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حوالي 10%، أما الأشكال الأخرى مثل الاعتصامات، وغلق الطرقات والمظاهرات فشكلت نحو 17% من الحراك البيئي.