جمعية تقاطع: الحكم الصادر ضد السجين الذي رفض متابعة النشاط الرئاسي في نشرة الأخبار انتهاكا صارخا لحرية التعبير

اعتربت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، اليوم الأربعاء 16 جويلية 2025، أن الحكم على المواطن التونسي عصام ڨريمان بالسجن على خلفية تعبيره عن رأيه تجاه رئيس الجمهورية ورفضه متابعة نشرة الأخبار، يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ولا سيما الحق في حرية الرأي والتعبير، المكفول في المواثيق الدولية والدستور التونسي.

5 دقيقة

وعصام ڨريمان هو مواطن تونسي تم إيداعه بالسجن المدني بقفصة على خلفية قضية حق عام، حيث كان قد قضى 20 عامًا في إيطاليا، ثم تم ترحيله إلى تونس منذ حوالي عام ونصف، وقد قضت المحكمة في قضيته بعدم سماع الدعوى.

إلا أنه، وخلال فترة تواجده في السجن، وأثناء عرض نشرة الأنباء على شاشة التلفاز، حيث كان عدد من السجناء مجتمعين لمتابعة النشرة، تم عرض نشاط لرئيس الجمهورية قيس سعيّد. في تلك اللحظة، عبّر ضحية الانتهاك عن رفضه للمشاهدة وطالب بتغيير القناة، الأمر الذي لم يُعجب أحد السجناء الموجودين، والذي كان هو المسؤول عن الزنزانة “الكبران”، فاعتبر ذلك إهانة لرئيس الجمهورية، وتقدّم بشكوى إلى إدارة السجن، حيث حرّر تقريرًا أكد فيه أن ضحية الانتهاك قد قام بشتم رئيس الجمهورية وأنصاره، كما استعان بشاهد كان حاضرًا يومها.

إثر ذلك، تولّى مدير السجن متابعة القصة، حيث قام بالتحقيق وسماع المتهم والشهود. وفي تاريخ 27 جوان 2025، تم إحالة محضر البحث على النيابة العمومية، التي بدورها أحالت المتهم في حالة إيقاف، وكيّفت الفعل على أنه جريمة مستندة إلى الفصل 67 من المجلة الجزائية. ووفقًا لشهادة محامي ضحية الانتهاك، فقد تم إعلام والدة عصام، أثناء زيارتها له في السجن، بأنه خضع لعقوبة بالسجن الانفرادي لمدة 7 أيام، وذلك خلال الفترة الممتدة من 21 إلى 27 جوان.

وبعد 6 أيام، قضت المحكمة بعدم سماع الدعوى في حق عصام. وكان من المفترض أن يتم إطلاق سراحه لولا التهمة التي وُجّهت إليه داخل السجن، والتي على إثرها بقي موقوفًا. حيث قضت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بقفصة، في 10 جويلية 2025، بسجن ضحية الانتهاك لمدة ستة أشهر، وهي أقصى عقوبة، طبقًا لما ينص عليه الفصل 226 مكرّر من المجلة الجزائية التونسية، المتعلّق بالاعتداء على الأخلاق الحميدة.

وشددت تقاطع في بيان على أن الواقعة تدخل بوضوح في إطار ممارسة الحق المشروع في حرية الرأي والتعبير، وهو ما تؤكده المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على ما يلي: لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود.”

ويعزّز هذا الحق أيضًا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لا سيما في مادته 19، التي تلزم الدول الأطراف بعدم التضييق على حرية التعبير إلا وفق شروط صارمة، لا تنطبق على حالة عصام.

على المستوى الوطني، ينص الفصل 37 من دستور الجمهورية التونسية لسنة 2022 على أن حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة، ولا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات.”

إضافة إلى ذلك، التعليق العام رقم 34 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن تفسير المادة 19 من العهد الدولي، يكرّس هذا التوجه، حيث جاء في الفقرة 38 منه: ينبغي لجميع الشخصيات العامة، بمن فيهم رؤساء الدول والحكومات والموظفون العموميون، أن يتحملوا مستوى أعلى من النقد العام.  ولا يكفي أن يكون التعبير مهينًا للشخصية العامة لتبرير فرض قيود أو عقوبات، حتى لو كانت هذه الشخصيات تستفيد هي الأخرى من الحماية المنصوص عليها في العهد.”

وشددت تقاطع على أن ما صدر عن عصام لا يمكن أن يُصنّف كفعل مجرّم، لا داخليًا ولا دوليًا، بل يدخل ضمن حرية التعبير، كما أن تكييف الواقعة بداية ضمن الفصل 67 من المجلة الجزائية المتعلّق بجريمة الفعل الموحش ضد رئيس الجمهورية، ثم لاحقًا تصنيفها تحت الفصل 226 مكرر (المتعلق بالاعتداء على الأخلاق الحميدة)، يثير تساؤلات جدّية حول محاولة الالتفاف القانوني لتقييد حرية التعبير، عبر استخدام نصوص قانونية فضفاضة وقابلة للتأويل الموسّع، لا تخدم سوى مأسسة القمع وإسكات الأصوات الناقدة.

واضافت تقاطع أنّ مثل هذا التوجه لا يتعارض فقط مع المواثيق الدولية، بل يُهدد أسس دولة القانون والحريات، ويُكرّس الإفلات من المساءلة لمن يستعمل أدوات الدولة لملاحقة الأفراد بسبب آرائهم.

وكان الفرع الجهوي للرابطة التونسي للدفاع عن حقوق الإنسان بقفصة قد أفاد، الجمعة 11 جويلية الجاري بأنه تم الحكم على سجين بسجن قفصة 6 أشهر سجنا بتهمة ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية، على معنى الفصل 67 من المجلة الجزائية.

من جانبه أكد المحامي عادل الصغير في تصريح لكشف ميديا أنه تم الحكم بعدم سماع الدعوى في القضية الأصلية المودع من أجلها السجين المذكور والآن يواجه عقوبة ب6 أشهر سجنا من أجل الإعتداء على الأخلاق الحميدة بعد إعادة تكييف الوقائع من طرف المحكمة والحال أنه من حق السجين أن يشاهد ما يراه مفيد له وفق تعبيره.

كما أفادت والدة السجين، في تصريح لكشف ميديا، بأن ابنها بريء متابعة “ابني ليس سياسيا ولا يفهم في السياسة ولا يعرف الرئيس.. ابني مظلوم وسجن باطلا”.

وأكدت أن ابنها عبّر عن رفضه مشاهدة نشرة الأنباء وطالب بتغيير القناة فما كان من “كبران” الغرفة إلا أن اشتكى به وأدّعى أنه قام بسب وشتم رئيس الدولة” مبينة أن ابنها لديه مشكلة في إيطاليا لذلك تم ترحيله وهي سبب إيقافه لكن المحكمة قضت بعدم سماع الدعوى في حقه.

تنويه

بمشاركة

لا يوجد مساهمين

مقالات مشابهة​