قالت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، في بيان لها الأربعاء 10 ديسمبر 2025، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إن الوضع الحقوقي في تونس لايزال يشهد تراجعًا غير مسبوق، إذ يشكل مثالًا حيًا على التناقض بين المبادئ المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والواقع المعيش، حيث طالت الانتهاكات الحقوق الأساسية، لا سيما الحقوق المدنية والسياسية.
واعتبرت تقاطع أن انتهاكات حقوق الإنسان تواصلت بنسق تصاعدي منذ تاريخ 25 جويلية 2021، في سياق تسعى فيه السلطة السياسية للتضييق على الفضاء العام وقمع الأصوات المعارضة وضرب المكتسبات الحقوقية التي حققها الشعب التونسي إبان ثورة 14 جانفي. تجلى ذلك في تقويض هامش الحريات من خلال سن مجموعة من القوانين التي تجرم حرية الرأي والتعبير، على رأسها المرسوم عدد 54، إضافة إلى تنامي المحاكمات السياسية، عبر تطويع القضاء وجعله أداة تستخدمها السلطة ضد خصومها في قضايا ومحاكمات تفتقر لأدنى مقومات المحاكمة العادلة.
كما أشارت الى “الاعتقالات التعسفية التي تستهدف النشطاء المدنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بسبب ممارستهم حقهم المشروع في التعبير والدفاع عن الحريات، حيث يواجه المجتمع المدني حملة ممنهجة تهدف إلى تهميش دوره وتجريم نشاطه، من خلال شن حملات تشويهية وفرض قيود تعسفية تحد من قدرته على العمل بحرية. ويتم ذلك عبر تأويلات مغرضة للقوانين المنظمة لنشاطه، بل وخرقها أحيانًا، في محاولة واضحة لردع المنظمات الحقوقية وشل دورها الرقابي والداعم للحقوق والحريات”.
ووفق تقاطع، تعد حقوق النساء من بين أكثر الحقوق تضررًا في ظل المناخ السياسي الحالي، حيث شهدت هذه الحقوق تراجعًا ملحوظًا أمام ما حققته الحركة النسوية التونسية من مكاسب. تجلى ذلك في تقلص التمثيل السياسي للنساء بشكل حاد في مراكز القيادة والمحطات الانتخابية السابقة، وغياب الآليات المؤسساتية لحماية حقوقهن، بما في ذلك إضعاف دور المنظمات النسوية والحقوقية. تواجه النساء الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان حملات تشويه ومضايقات ممنهجة، في محاولة لإسكات أصواتهن.
وذكرت تقاطع بأن حماية حقوق الإنسان ليست خيارًا سياسيًا بل التزامًا دوليًا وواجبًا دستوريًا لا يمكن التنصل منه أو إغفاله مشددة على أن احترام الكرامة الإنسانية والحريات الأساسية هو السبيل الوحيد لبناء مجتمع ديمقراطي مستقر يحفظ حقوق جميع مواطنيه دون أي تمييز.
ودعت جمعية تقاطع في هذا الإطار، الى إلغاء المرسوم عدد 54 وجميع القوانين المقيّدة لحرية الرأي والتعبير، وضمان فضاء عام حر وآمن للجميع.
كما طالبت بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين والنشطاء المدنيين والصحفيين المحتجزين على خلفية آرائهم أو نشاطهم الحقوقي، ووقف المحاكمات السياسية وضمان استقلالية القضاء وحياده، وعدم استخدامه كأداة لتصفية الحسابات السياسية، إضافة الى احترام حرية تكوين الجمعيات وعمل منظمات المجتمع المدني، والكف عن التأويلات التعسفية للقوانين المنظمة لنشاطها.
ودعت الى إعادة تفعيل الهيئات المستقلة المعنية بحماية حقوق الإنسان وضمان استقلاليتها الكاملة عن السلطة التنفيذية.
كما دعت المجتمع المدني الى مواصلة الدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية ورفع راية حقوق الإنسان في وجه القمع والاستبداد، مع تكثيف التنسيق والتشبيك بين مختلف مكونات المجتمع المدني لخلق جبهة موحدة للدفاع عن حقوق الإنسان، اضافة الى تعزيز آليات الحماية للنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للمضايقات والتهديدات.
وأحيت تونس الأربعاء 10 ديسمبر 2025، مع سائر دول العالم، الذّكرى السّابعة والسّبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أخبار ذات صلة: