وأصدرت الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس أحكامًا سجنـيّة قاسية بحق تسعة متهمين من بينهم محمد المزوغي، الكاتب العام الجهوي لحركة النهضة بباجة، الذي حُكم عليه بـ10 سنوات سجناً، فيما تراوحت الأحكام الأخرى بين سنتين و12 سنة. كما قررت المحكمة عدم سماع الدعوى في حق ثلاثة متهمين آخرين في الملف نفسه. وتستند هذه الأحكام إلى سلسلة من التهم التي تشمل «التآمر على أمن الدولة» و«تكوين وفاق إرهابي» إلى جانب «الإساءة لرئيس الجمهورية» و«التحريض على مؤسسات الدولة» عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وتشمل قائمة الأحكام: 12 سنة سجن لكل من محمد صالح بوعلاڤي وجمال الباروني، و10 سنوات لكل من محمد المزوغي وعبد الفتاح التاغوتي وفريد المديني وعدنان القسنطيني، إضافة إلى 10 سنوات مع النفاذ العاجل ضد محمد علي عزيز ورضا الباروني، في حين حُكم على رجاء الطبوبي بسنتين سجن وخمس سنوات مراقبة إدارية. أما باقي المتهمين، وهم صديق الماكني وعماد الطهراني وعادل الشابي، فقد قررت المحكمة عدم سماع الدعوى في حقهم.
ووفق مرصد الحرية لتونس، تشير المعطيات المتوفرة إلى أنّ الملف يقوم بدرجة كبيرة على تدوينات منشورة على فيسبوك وحسابات رقمية منسوبة للمتهمين، اعتبرتها النيابة العامة تحريضًا أو مساسًا بالمؤسسات، فيما يرى محامو الدفاع أنّ القضية تتعلق أساسًا بالتعبير السياسي وانتقاد السلطة، جرى تكييفها جزائيًا تحت عناوين فضفاضة مرتبطة بالإرهاب والتآمر، وهي ممارسات أصبحت متكررة في عدد من الملفات التي طالت معارضين محليين ووطنيين منذ 2021.
و اعتبر المرصد أنّ الاعتماد المكثف على تهم «التآمر على أمن الدولة» و«الوفاق الإرهابي» استنادًا إلى محتوى رقمي أو تدوينات نقدية يشكّل انحرافًا خطيرًا عن الغاية الأصلية للتشريعات الأمنية، مشددا على أن تجريم النقد الموجّه لرئيس الجمهورية أو المؤسسات الرسمية لا يجب أن يكون مدخلاً لحرمان المتهمين من حقوقهم في المحاكمة العادلة أو لفرض عقوبات مشددة خارج أطر الضرورة والتناسب داعيا الى الكف عن استعمال تهم الإرهاب والتآمر في ملفات تتضمن التعبير والانتقاد السياسي أو صناعة المحتوى الرقمي.
كما طالب باحترام الحق في حرية التعبير والنقد السياسي، بما في ذلك انتقاد رئيس الجمهورية والسلطات دون التهديد او الترهيب بالسجون.
وكانت حركة النهضة، قد نددت اليوم الإثنين 24 نوفمبر 2025، بالأحكام ‘الجائرة’ الصادرة ضد تسعة من قيادات الحركة في ما عرف إعلاميّا ب”ملف باجة” من أجل التآمر ونسبة أمور زائفة لموظّف عمومي والتي تمسّ المناضلين وعائلاتهم وحقوقهم الأساسية.
ودعت النهضة إلى الإفراج الفوري عن الموقوفين منهم، وإيقاف هذه التتبعات “الظالمة” محملة السلطة مسؤولية مباشرة عن هذا الانحراف الخطير في مسار القضاء، وما ينجرّ عنه من توتير للأوضاع وتعميق للاحتقان الاجتماعي والسياسي.
وكانت الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس قد رفضت في ماي الفارط مطالب الإفراج عن محمد المزوغي وعدد من المتهمين وذلك في قضية تعلقت بالاساءة لرئيس الجمهورية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتحريض عليه وفق ما ورد في ملف القضية والأبحاث.
يذكر أنه تم إيقاف محمد المزوغي في مارس 2023.