وأوضحت الحملة أن المحكمة قضت بالسجن لمدة سنتين لكل من الجمالي والكريمي مع بقية المدة بتأجيل التنفيذ، كما تم الحكم بعدم سماع الدعوى في حق المحالين بحالة سراح في قضية “المجلس التونسي للاجئين.
وقالت هيومن رايتس ووتش، اليوم قبل إصدار الحكم، إن خمسة موظفين في المجلس التونسي للاجئين سيُحاكمون في 24 نوفمبر، في إطار حملة قمع أوسع ضد منظمات المجتمع المدني في تونس.
وأضافت هيومن رايتس ووتش أنه على السلطات التونسية “إسقاط التهم التي لا أساس لها، وإطلاق سراح الموظفين المحتجزين، والتوقف عن تجريم العمل المشروع للمنظمات المستقلة”.
وأشارت المنظمة إلى أن السلطات التونسية أغلقت المجلس وجمّدت حساباته المصرفية وتقاضي ستة من موظفيه بسبب عملهم في مساعدة طالبي اللجوء واللاجئين باعتبار المجلس شريكا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من بينهم مؤسس المجلس ومديره مصطفى جمالي، ومدير المشاريع عبد الرزاق الكريمي.
ويواجه الموقوفين عقوبة تصل إلى السَّجن 23 عاما إذا أدينوا بالتهم “الباطلة” بتسهيل دخول وإقامة رعايا أجانب بشكل غير قانوني في تونس. أحد الموظفين لم يحاكم بعد، في انتظار إجراءات أمام محكمة التعقيب.
قال بسام خواجا، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش “قام المجلس التونسي للاجئين بعمل أساسي في مجال الحماية لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء، وعمل بشكل قانوني مع منظمات دولية معتمدة في تونس. استهداف منظمة بإجراءات قانونية تعسفية يُجرم العمل الإنساني الضروري ويحرم طالبي اللجوء من الدعم الذي هم في أشدّ الحاجة إليه”.
وشدّدت هيومن رايتس ووتش على أن هذه المحاكمة هي “الأولى من نوعها ضد منظمة مجتمع مدني منذ اعتقال عدد من العاملين في منظمات غير حكومية بين ماي وديسمبر 2024، وتأتي في خضم “حملة قمع غير مسبوقة على الفضاء المدني في تونس”.
وأفادت بأن المجلس التونسي للاجئين، الذي تأسس في 2016، كان يقوم بالتدقيق أولي في طلبات اللجوء المقدمة إلى مفوضية اللاجئين. كان يقدم أيضا إيواء طارئا ومساعدات طبية للاجئين وطالبي اللجوء.
وتعود أطوار القضية إلى يوم 2 ماي 2024، عندما نشر المجلس طلب عروض للفنادق التونسية لتقديم هذه الخدمات، ما تسبب في رد فعل عنيف على وسائل التواصل الاجتماعي وبين أعضاء البرلمان وسط حملة مناهضة للمهاجرين. في اليوم التالي، فتشت الشرطة مقر المجلس في تونس، وأغلقت المجلس، واعتقلت جمالي، وفي 4 ماي اعتقلت الشرطة الكريمي. يقبع الاثنان في الإيقاف التحفظي منذ ذلك الحين.
وأوضحت المنظمة أنها راجعت قرار ختم البحث الصادر عن القاضي ووجدت أن التهم تستند فقط إلى العمل المشروع للمجلس، الذي كان يعمل بشكل قانوني في تونس وتموّله بشكل حصري تقريبا مفوضية اللاجئين.
على الرغم من أن المستفيدين من المجلس كانوا من طالبي اللجوء واللاجئين المسجلين لدى المفوضية في تونس، وجد قاضي التحقيق أن أنشطة المنظمة تشكل دعما للمهاجرين غير الشرعيين “لضمان استقرارهم بالبلاد التونسية”. يشير أمر الإغلاق إلى أنشطة مثل توفير السكن والمساعدات النقدية للاجئين وطالبي اللجوء، وهي أنشطة اعتيادية تقوم بها مفوضية اللاجئين في العديد من البلدان، غالبا عبر شركاء التنفيذ، وفق ما ورد على موقع هيومن رايتس ووتش.
واعتبرت أن الملاحقات القضائية التعسفية وإغلاق المجلس التونسي للاجئين جزء من حملة قمع أوسع على المجتمع المدني في تونس، حيث اعتقلت قوات الأمن أيضا ما لا يقل عن ستة عاملين آخرين في منظمات غير حكومية بسبب عملهم في مكافحة التمييز أو في مساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين. منهم المدافعة الحقوقية البارزة ورئيسة جمعية “منامتي” المناهضة للعنصرية سعدية مصباح، ورئيس جمعية “أطفال القمر” عبد الله السعيد، ورئيسة “جمعية الحق في الاختلاف” سلوى غريسة، وثلاثة موظفين حاليين وسابقين في منظمة “تونس أرض اللجوء”. وجميعهم رهن الإيقاف التحفظي منذ ذلك الحين.
وقال خواجا “بدلا من تجريم عمل الجمعيات وسجن المدافعين الحقوقيين تحت ذرائع واهية، ينبغي للسلطات التونسية أن تعمل مع المجتمع المدني لصالح جميع سكان البلاد. الحملة الواسعة على المجتمع المدني لا تُضرّ فقط بالعاملين في المنظمات المستهدفة، بل تضر أيضا بالكثيرين الذين يستفيدون من عملها”.
يذكر أن منظمة العفو الدولية، قد دعت أمس الأحد السلطات التونسية أن تفرج عن المدافعين عن حقوق الإنسان مصطفى الجمالي وعبد الرزاق الكريمي على الفور وأن تسقط جميع التهم المُوجَّهة إليهما.