وأفادت جمعية تقاطع بأن منصف الهوايدي، ناشط اجتماعي وبيئي، عُرف بدفاعه المستمر عن الحق في الماء لمنطقة الهوايدية.
وتم إيقافه يوم 30 أوت 2024، من قبل فرقة الأبحاث والتفتيش بطبرقة على خلفية مناشير تفتيش صادرة ضده في قضايا حق عام، وفقًا لشهادة محاميه. إلا أنه، وأثناء عملية التحقيق معه، قامت النيابة العمومية من تلقاء نفسها بفتح بحث تحقيقي بخصوص تدوينات نشرها على صفحته الشخصية بموقع “فيسبوك”، ليُحال يوم 2 سبتمبر 2024 على التحقيق، ويجد نفسه محل اتهام على خلفية منشوراته، طبقا لأحكام المرسوم عدد 54 والفصل 67 من المجلة الجزائية المتعلق بتهمة ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية.
وكشفت الجمعية أنه تم تسخير محامية لحضور التحقيق معه، إلا أنها انسحبت لاحقًا. وقد أُبلغ ضحية الانتهاك يوم التحقيق بعدم حضور المحامية، فقبل بمواصلة الإجراءات دون حضور محامٍ إلى جانبه. وخلال سماعه، عُرضت عليه مجموعة من التدوينات التي نشرها.
وتتمثل التهم التي حوكم من أجلها منصف الهوايدي في استعمال أنظمة معلومات لنشر أخبار زائفة ونسبة أمور غير حقيقية بقصد التشهير بالغير وتشويه سمعته والإضرار به معنويا.
وشدّدت جمعية تقاطع على أن قضية منصف الهوايدي تُبرز جملة من الانتهاكات لحقوق الإنسان خاصة انتهاك حقه في حرية التعبير، حيث أن تتبع ضحية الانتهاك كان بسبب تدويناته على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك يشكل انتهاكًا واضحًا لحقه في حرية التعبير، وهو حق أساسي محمي بموجب الدستور التونسي، ومكرّس في الفصل 37 من دستور 2022، الذي ينص على أن “حريّة الرّأي والفكر والتّعبير والإعلام والنّشر مضمونة لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات”. والمادة 19 من العهد الدولي والمادة 19 من الإعلان العالمي، والتي تنص على حق كل إنسان في التعبير عن آرائه دون مضايقة.
واعتبرت أن استعمال المرسوم عدد 54 والفصل 67 من المجلة الجزائية لتجريم الرأي والنقد السياسي يقيّد حرية التعبير بما يتجاوز الحدود المسموح بها في مجتمع ديمقراطي.
وأضافت أن استعمال المرسوم عدد 54 في جميع قضايا الرأي وتكييفها على أنها إشاعات وأخبار كاذبة لا يعكس سوى النية الحقيقية للسلطة من توظيف هذا النص في ضرب الحقوق والحريات وهرسلة المواطنين، خاصة وأن ضحية الانتهاك قام بالتعبير عن رأيه وفقا لما يضمنه له القانون من حقوق وحريات، وفق تعبيرها.
وأشارت إلى أن العقوبة الصادرة في حق منصف الهوايدي تعتبر مثالا واضحا على عدم التناسب بين الفعل والعقوبة. فالتدوينات التي نشرها على صفحته الشخصية لم تتجاوز حدود التعبير عن الرأي والنقد، ولم تتضمن أي دعوة للعنف أو التحريض على الكراهية.
وأكّدت أن إنزال عقوبة سالبة للحرية على مثل هذا الفعل يعكس استعمالا مفرطا للقانون وتطويعه في تقييد حرية التعبير.
وأفادت بأن العقوبة الموقعة على الهوايدي تمثل خرقا لمبادئ حقوق الإنسان الأساسية، وتُظهر سياسة متبعة منذ سنوات لتقييد حرية التعبير وتجريمها من قبل السلطة.