وبينت تقاطع أنه الحبيب اللوز حُرم من العلاج ومن توفير ظروف تتناسب مع وضعه الصحي وسنّه المتقدّم. وهو ما يتعارض مع مضمون المادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على عدم إخضاع أي شخص للتعذيب، أو للمعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة. وينسجم هذا المبدأ أيضًا مع ما ورد في المادة الخامسة من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والمادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
كما أن القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) تلزم السلطات بمعاملة السجناء بما يحفظ كرامتهم الإنسانية، وهو ما لم يتم احترامه في حالة اللوز.
إضافة إلى ذلك، فإن حرمان الحبيب اللوز من الرعاية الصحية اللازمة بما في ذلك الأدوية الخاصة بعينيه وفقًا لشهادة ابنه على الرغم من حالته الصحية الحرجة وسنّه الذي يستوجب متابعة طبية دائمة، فضلًا عن المماطلة في تمكين عائلته من إدخال الأدوية الضرورية لتمكينه من الرؤية بشكل سليم، يمثّل انتهاكًا واضحًا للحق في الحياة والصحة. هذا الحق تحميه المادتان السادسة والعاشرة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 16 من الميثاق الإفريقي التي تنص على أن لكل فرد الحق في التمتع بأفضل حالة صحية بدنية وعقلية يمكن بلوغها، وتُلزم الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لضمان حصول الأفراد على الرعاية الطبية عند الحاجة.
علاوة على أن دستور الجمهورية التونسية يكفل الحق في الصحة للجميع ، في فصله الثالث والأربعون الذي جاء به أن ” الصحّة حقّ لكل إنسان ”.
كما أولت القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء جانبًا هامًا لصحة السجناء، مؤكدةً على ضرورة توفير الرعاية الصحية لكل سجين على نحو يعادل ما هو متاح في المجتمع الخارجي، وهو ما لم يُحترم في حالة اللوز. فالتعنت في إدخال الأدوية والتغاضي عن وضعيته الصحية الخطيرة يُعدّ إخلالًا بهذه المعايير الدولية.
كما اعتبرت أن وضعه الصحي الذي يجعله غير قادر على متابعة مجريات الجلسة أو ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه. وتجاهل المحكمة لهذه الوضعية يمثّل مساسًا مباشرًا بالحق في الصحة والكرامة الإنسانية، ويخالف الالتزامات الدولية لتونس، لاسيما ما ورد في المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تحظر المعاملة القاسية أو اللاإنسانية، والمادة 10 التي تضمن حق كل إنسان في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ونزيهة، إضافة إلى المادة 25 التي تكفل حق كل فرد في مستوى معيشي كافٍ يضمن له الصحة والرفاه.
كما يتعارض هذا الوضع مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على ضمان حق كل متقاضٍ في الدفاع عن نفسه وفي أن تتوفر له جميع الضمانات اللازمة لمحاكمة منصفة.
وشددت تقاطع على أن الحبيب اللوز مواطن تونسي، وحرمانه من حريته لا يعني حرمانه وحقوقه الأساسية التي يكفلها له دستور الجمهورية التونسية، وتحميها المواثيق الدولية، ومن واجب الدولة التونسية الإيفاء بها وتوفيرها له ولكافة المواطنين بما في ذلك الأشخاص المحرومين من حريتهم.
والحبيب اللوز هو نائب بالمجلس التأسيسي وقيادي بحركة النهضة، وقد صدرت في حقه بطاقة إيداع بالسجن منذ شهر مارس سنة 2023، على خلفية تعلّق اسمه بعدد من القضايا، من بينها القضية التي تُعرف المعروفة إعلاميا بالتآمر 2 والتي حُكم عليه فيها ابتدائيًا بـ 12 سنة سجنًا.
خلال فترة تواجده داخل السجن المدني بالمرناقية، يعاني الحبيب اللوز من أزمة صحية، حيث يتطلّب وضعه وسنّه رعاية صحية وفقًا لما يضمنه القانون من حقوق. وقد أمضى معظم فترة الاحتفاظ به داخل المستشفى نظرًا لتعرّضه إلى إلى جلطات متكررة. وأنّ تدهور حالته الصحية يعود إلى ضعف الرعاية الطبية داخل الوحدة السجنية، وما يتعرّض له هو نوع من الإهمال الممنهج.
وفي شهادته، يؤكد ابنه زياد اللوز أنّ حالة والده الصحية تتطلّب نوعًا من الأدوية الخاصة بعينه، وأنه يستوجب توفير عدسات طبية بالإضافة إلى نظارات طبية حتى يتمكّن من الرؤية بشكل سليم. كما يضيف أنّه في حاجة إلى منظّفات خاصة غير متوفرة في السجن، وأنهم واجهوا تعقيدات إدارية بخصوص الوثائق الضرورية لإدخال الأدوية ومماطلة من قبل إدارة السجن، مما أدّى إلى تورّم دائم في عينه قد يفقده البصر نهائيًا.
إلى جانب امتناع إدارة السجن عن توفير الأدوية الخاصة بعينيه، يعاني الحبيب اللوز من عدة مشاكل صحية، حيث إنه في العقد الثامن من عمره، وهو مصاب بضغط الدم والسكري.
هذا وفي شهادة لسان الدفاع عنه، أكدت أنه في إحدى الجلسات حضر الحبيب اللوز على كرسي متحرك، مصرّحًا بأنه لا يزال يعاني من مخلفات جلطة، وأنه غير قادر على السمع والرؤية جيدًا، وغير قادر على التمييز، وهو ما دفعها إلى التخلي عن إنابته لعدم توفر ظروف محاكمة عادلة، حيث إن القاضي لم يأخذ بعين الاعتبار وضعيته الصحية التي لا تمكّنه حتى من الدفاع عن نفسه أو متابعة الجلسة.