جمعية تقاطع: تعرض منذر الونيسي الى جملة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان داخل السجن

أكدت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025، تعرض القيادي بحركة النهضة منذر الونيسي الى جملة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي طالت شخصه منذ لحظة إيقافه وصولًا إلى ظروف احتجازه داخل السجن.

7 دقيقة

وبينت تقاطع في بيان لها أن قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قد أصدر قرارا بإيداع منذ الونيسي السجن دون استجوابه، في خرق صارخ لحقه في الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي نصت على ان الناس جميعاً سواء أمام القضاء وكل متهم بجريمة جنائية يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً. 

علاوة على هذا فوجوده في السجن تخلله تقصير من إدارة السجن في علاقة بوضعه الصحي. ما طاله من إهمال وتقصير في متابعة وضعه الصحي، ويشكل انتهاكًا للحق في الصحة. فقد عانى الونيسي من إهمال طبي ممنهج داخل السجن، حيث إنّ حالته الصحية تقتضي متابعة دقيقة وقياسًا دوريًا لمؤشر الكرياتينين في الكلى كل 15 يومًا، في حين أنّه يقضي أكثر من شهر كامل دون إجراء تحاليل. ورغم معاينة طبيب السجن للكدمات الواضحة على جسده، فقد تمّ رفض تسليمه شهادة طبية تثبت الإصابات.

 وأفادت زوجة منذر الونيسي بتعرّضه إلى الاعتداء بالعنف الشديد داخل مبنى السجن من طرف أحد أعوان السجون العاملين بمصحة السجن  الذي استهدفه باللكم والركل ، وذلك بسبب رفضه واعتراضه على محاولة إجباره على ركوب وسيلة النقل الخاصة بالمساجين، المعروفة بضيق مساحتها وحرارتها الخانقة وانعدام أبسط مقوّمات الكرامة الإنسانية فيها، والتي سبق أن ندّد بها مختلف المعتقلين السياسيين معتبرين إياها وسيلة تعتمدها الدولة للتنكيل بهم والتشفّي منهم.

كما تضيف زوجة ضحية الانتهاك أنّ التعنيف الجسدي طال مختلف أركان جسده، مؤكدة ضربه في بطنه والحال أنّه يعاني مرضًا مزمنًا في الكلى. وقد رافق ذلك اعتداء لفظي مشين طال كرامته وكرامة والدته. ورغم معاينة طبيب السجن لآثار الكدمات الواضحة، فقد رُفض تسليم شهادة طبية تثبت الإصابات. وفي ذات السياق، أصدرت حركة النهضة بيانًا تشير فيه إلى زيارة التفقدية العامة للسجون لضحية الانتهاك، التي زارته في نفس اليوم، في محاولة للتهوين من جسامة الواقعة وتكييفها كحالة معزولة.

وإلى جانب هذه الحادثة وأعمال العنف التي تعرّض لها الونيسي، فإنّه يعاني من التقصير إزاء وضعه الصحي داخل السجن، حيث كشف محاميه في وقت سابق أنّ موكله يعاني من إهمال طبي، وذلك إثر زيارته له في ماي 2025. وأوضح أنّ حالته الصحية تستوجب متابعة طبية منتظمة، خصوصًا من خلال قياس مؤشر الكرياتينين في الكلى كل 15 يومًا، في حين أنّه يقضي أكثر من شهر كامل دون إجراء أي تحليل. ولفت إلى أنّ منذر الونيسي، بصفته طبيبًا مختصًا في أمراض الكلى، يدرك تمامًا خطورة وضعيته الصحية وما تقتضيه من رعاية دقيقة. وينقل المحامي ما جاء على لسان ضحية الانتهاك، وأنه لا يريد أن يخرج من السجن وهو فاقد لوظائف الكلى متسائلا عن سبب الإهمال الطبي الذي يتعرض له مختلف المعتقلين السياسيين.

وشددت تقاطع على أن هذه الممارسات تمثّل انتهاكًا للفصل الثالث والأربعين من دستور تونس لسنة 2022، الذي ينص على أنّ “الصحة حق لكل إنسان”، كما تتعارض مع المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تكرّس الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة، ومع المادة 16 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب التي تضمن حق كل شخص في التمتع بأفضل حالة صحية يمكن بلوغها، مع التأكيد على دور الدول في اتخاذ التدابير اللازمة لضمان صحة مواطنيها. كما تتناقض مع القاعدة 24 من قواعد نيلسون مانديلا التي تنص على أنّ حصول السجناء على خدمات الرعاية الصحية يجب أن يعادل ما هو متوفر في المجتمع. ويبرز هذا الواقع خللاً واضحًا في تطبيق المعايير الدولية، ويكشف عن تجاهل ممنهج للالتزامات القانونية والدستورية التي تكفل حقوق السجين، مؤكّدًا ضرورة التزام الدولة ومؤسساتها بحماية حياة وسلامة جميع المعتقلين، خصوصًا ذوي الحالات الصحية الهشة.

وتواصلت التجاوزات في حق منذر الونيسي، وفق تقاطع، إذ أن تعرضه إلى الاعتداء بالعنف داخل السجن من قبل أحد الأعوان، يشكّل انتهاكًا مباشرًا للفصل الخامس والعشرون من دستور الجمهورية التونسية ” تحمي الدّولة كرامة الذّات البشريّة وحرمة الجسد، وتمنع التّعذيب المعنويّ والمادّي. ولا تسقط جريمة التّعذيب بالتّقادم.،” كما يتعارض ذلك مع المادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تحظر التعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة، ومع المادة 5 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب التي تحظر بدورها كل أشكال المعاملة المهينة للكرامة الإنسانية. كما تخالف هذه الممارسات بشكل صارخ قواعد نيلسون مانديلا التي تؤكد على وجوب معاملة جميع السجناء باحترام لكرامتهم المتأصلة كبشر.

وبينت تقاطع أن الانتهاك الذي تعرّض له منذر الونيسي لم يقتصر على الأذى الجسدي الذي أصاب مناطق حساسة من جسده، بما في ذلك كليته المريضة، بل شمل أيضًا إهانات لفظية وشتائم مهينة وصلت إلى المساس بكرامته وكرامة والدته. وتندرج هذه الممارسات تحت تصنيف التعذيب وسوء المعاملة المحظور بشكل مطلق وفقًا للقانون الوطني والدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك المعايير المنصوص عليها في اتفاقية مناهضة التعذيب والقواعد الدنيا لنيلسون مانديلا.

 فوفقًا لتعريف اتفاقية مناهضة التعذيب، يُعدّ أي فعل ينطوي على إيقاع ألم أو معاناة شديدة جسدية أو نفسية بقصد معاقبة الضحية أو تخويفه أو إذلاله، وبموافقة أو سكوت السلطات الرسمية، تعذيبًا صريحًا. 

كما نص الفصل 25 من دستور الجمهورية التونسي لسنة 2022 في باب الحقوق والحريات على أنه” تحمي الدّولة كرامة الذّات البشريّة وحرمة الجسد، وتمنع التّعذيب المعنويّ والمادّي. ولا تسقط جريمة التّعذيب بالتّقادم.”

إضافة الى القانون عدد 52 لسنة 2001 المؤرخ في 14 ماي 2001 والمتعلق بنظام السجون، نص على أهمية حقوق السجين في تونس واحترام الحرمة الجسدية والمعنوية وصون الكرامة الإنسانية وضمان الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية التي تكفل له العلاج والدعم اللازم لإعادة إدماجه في المجتمع.

ومنذر الونيسي سياسي وطبيب تونسي يشغل منصب نائب رئيس حركة النهضة منذ سنة 2021. وقد تعرّض إلى الإيقاف في مطلع شهر سبتمبر من سنة 2023، حيث أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، يوم الأربعاء 6 سبتمبر 2023، بجلبه والاحتفاظ به، ليتقرّر فيما بعد إحالته إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب. وتذكر محاميته أنّ هذا يأتي ضمن قضيته الأولى المتعارف عليها تحت اسم “ملف التسريبات الصوتية” كما وُجّهت إليه تهم أخرى في ملابسات قضية وفاة الجيلاني الدبوسي، النائب السابق بالبرلمان لتصدر في شأنه بطاقة إيداع أخرى، حيث قررت دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس إحالة الملف إلى الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، التي بدورها أصدرت قرارًا يقضي بإيداع الونيسي بالسجن، مع توجيه تهمة القتل إليه.

أخبار ذات صلة:

تنويه

بمشاركة

لا يوجد مساهمين

مقالات مشابهة​