وأضاف بن عمر في تدوينة نشرها عبر الفايسبوك، أن هذه الزيادة “لا تعكس فقط تنامي الفعل الاحتجاجي وتجاوز حاجز الخوف والتردد، بل معطى يشير الى عمق أزمة اجتماعية تتصاعد وتزايد شعور فئات واسعة بانسداد الأفق، وفشل المبادرات التشريعية التي تم اقرارها مثل تسوية وضعية الاساتذة والمعلمين النواب وتعديل مجلة الشغل في الاستجابة لانتظارات فئات واسعة في عمل لائق وخدمات عمومية ناجعة”.
أما على الصعيد النقابي، فقد شهدت المرحلة الأخيرة، وفق بن عمر، “تصاعدًا نوعيًا في النضالات، من خلال الإضرابات التي نفذها قطاع النقل، والتحركات الميدانية لقطاع الصحة العمومية، إلى جانب الاستعدادات الجارية في قطاع التربية لخوض تحركات وإضرابات خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل غياب أي إعلان رسمي عن جولة جديدة من المفاوضات الاجتماعية”.
واعتبر بن عمر أنه في المقابل وفي مواجهة هذا الواقع، “تبدو سلطة الرئيس قيس سعيّد عاجزة عن صياغة حلول هيكلية وبدائل تعالج جذور الأزمة، بل تميل إلى تعميق حالة الانسداد من خلال تجميد الجلسات الصلحية التي كانت تمثل فضاءً مؤسساتيًا للحوار الاجتماعي والتصعيد من خلال تبرير الهجوم على مقر الاتحاد” مبينا أن الرئيس “التجأ إلى الحل الذي أثبت نجاعته ضد الخصوم السياسيين والمجتمع المدني وكل من ينقده وهو وصم الاحتجاجات باعتبارها “مؤامرات” أو نتاج ارتباط بأطراف خارجية وأمننة التعامل معها”.
وشدد بن عمر على أن “هذا الخطاب يجد جذوره في مسار تاريخي متكرر من نزع الشرعية عن الحركات الاجتماعية، شبيه بما شهدته البلاد في أحداث الحوض المنجمي سنة 2008، وأحداث الثورة 2010-2011، وانتفاضة سليانة سنة 2012، و احتجاجات الذهيبة 2015، واحتجاجات القصرين وقرقنة، وصولًا إلى احتجاجات جانفي وفيفري 2021. في جميع هذه المحطات، جرى التعامل مع المطالب الاجتماعية المشروعة باعتبارها تهديدًا أمنيًا ومرتبطة بأطراف سياسية”.
متابعا “توحي المؤشرات الراهنة بأن رئيس الجمهورية يسير في مسار يستهدف إعادة إنتاج رواية “المؤامرة”، مع إضفاء أبعاد جديدة عليها عبر توجيه أصابع الاتهام نحو المنظمة النقابية خاصة والاحتجاج الاجتماعي عامة قد يكون من ضحاياها بعض القيادات المركزية أو الجهوية او قيادات الجامعات والنقابات القطاعية التي قادت نضالات مؤثرة، فضلًا عن الفاعلين الاجتماعيين المنخرطين في الحراك، ومن ضمنهم مكونات الحزام الاجتماعي والسياسي المساند لهذه المطالب”، وفق قوله.


وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد أفاد خلال لقائه أمس الجمعة 08 أوت 2025، برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري بقصر قرطاج تعقيبا على حادثة اقتحام مقر اتحاد الشغل، إن قوات الأمن قامت بحماية المقر ومنعت أي التحام ولم تكن في نية المحتجين لا الاعتداء، ولا الاقتحام كما تروج لذلك ألسنة السوء.
وتابع سعيد “ومع ذلك هناك من يريد تشبيه ما حصل بما حصل سنة 2012، وبمن ضرب عددا من النقابيين في تلك الفترة، والصور مازالت شاهدة على أحدهم والدم يسيل من جبينه، ومعلقا “أ لم يدرك هؤلاء ان الشعب فاق ولم تعد تخفى عليه ادق ادق التفاصيل”.
وتعرض مقر اتحاد الشغل أمس الخميس 07 أوت الجاري للإعتداء من قبل “مجموعات تدعي مساندتها للسلطة من خلال الشعارات التي ترفعها مهاجمة مقر الاتحاد مطالبة رئيس الجمهورية قيس سعيد بالتدخل لحله”، وفق ما أفاد به الناطق الرسمي بإسم اتحاد الشغل سامي الطاهري لكشف ميديا.
من جهته، قال الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي في تصريح لكشف ميديا إنه “وقع الاعتداء على الاتحاد من قبل جماعات مجهولة في انتماءاتها ومواقفها وتمترساتها” معتبرا أن “ما حصل اليوم نسخة سيئة الإخراج من اعتداء غاشم واجرامي حصل في 4 ديسمبر 2012 من قبل ما يسمّى بروابط حماية الثورة” مشددا على أن “هذا لن يزيد الاتحاد إلا إصرارا وقناعة وثباتا بالمضي قدما على مواقفه وقراراته وانحيازاته الاجتماعية غير القابلة للمساومة”.
وأصدر المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل النيابة العمومية أمس بيانا دعا من خلاله إلى فتح بحث عاجل في جرائم الاعتداء والثلب والتشهير والتحريض على العنف ومحاولة ممارسته واستعمال الأطفال القُصّر التي جرت أمام مقر الاتحاد، محملا السلطات مسؤوليتها في ترك هذه العصابة الغريبة عن العمل النقابي تقتحم البطحاء وتحاول اقتحام المقر في عملية تسهيل غريبة ومدانة بعد رفع الحواجز لمرورهم إلى مقرات الاتحاد.
وكانت الجامعة العامة للنقل قد أفادت أن إدارة نزاعات الشغل والنهوض بالعلاقات المهنية بوزارة الشؤون الاجتماعية قامت بإلغاء جلسات التصالح التي كانت من المفترض عقدها للتفاوض في عدد من الإضرابات التي كان من المزمع تنفيذها والتي تقرر تأجيل بعضها إلى موعد لاحق.