واعتبرت العفو الدولية، أن “القضية، التي تستند إلى تهم غامضة تتعلق بالإرهاب وأمن الدولة، هي الأحدث في سلسلة من الملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية التي يبدو أنها تهدف إلى إسكات المعارضة السلمية و ترهيب وقمع منتقدي حكومة الرئيس قيس سعيّد”.
وقالت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “توضح هذه القضية كيف يُساء استخدام نظام العدالة الجنائية في تونس لقمع المعارضة السلمية واضطهاد الأفراد لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية. إن الاستخدام المتزايد لتشريعات مكافحة الإرهاب لمعاقبة المعارضة السلمية هو نمط مقلق للغاية تقوم منظمة العفو الدولية بتوثيقه منذ عام 2023.
واعتبرت أن “إن الإدانات في قضية “التآمر 2″ هي ظلم بالغ واعتداء صارخ على التزامات تونس في مجال حقوق الإنسان” متابعة “يجب الإفراج فورًا عن جميع أولئك المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحقَّيْهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وممارسة النشاط السياسي”.
ودعت العفو الدولية، السلطات إلى وضع “حد فوري لحملتها القمعية المستمرة على حقوق الإنسان، بما في ذلك استهداف المنتقدين تحت ستار الدفاع عن الأمن الوطني، وأن تعيد تكريس استقلالية القضاء وسيادة القانون، وأن تضع ضمانات فعّالة لمنع إساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب والأمن الوطني كأدوات للقمع”.
كما طالبت بإلغاء جميع الأحكام الصادرة في قضية “التآمر 2” والإفراج الفوري عن المحتجزين تعسفيًا، إضافة الى ضمان السلطات عقد أي محاكمات جديدة وفق ضمانات تتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويشمل ذلك ضمان أن تكون المحاكمات المستقبلية متاحة أمام العموم، مع السماح بالحضور الكامل لأفراد الأسرة والمحامين والصحفيين والمراقبين المستقلين، مشددة على أن “تونس دولة طرف في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهي ملزمة قانونًا بدعم الحقوق في الحرية، والمحاكمة العادلة، وحرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها”.
ووفق العفو الدولية، جرت “المحاكمة وسط أزمة مستمرة تمس سيادة القانون في تونس. فمنذ استيلاء الرئيس سعيّد على السلطة في جويلية 2021، تشهد البلاد تآكلًا لسيادة القانون، بما في ذلك من خلال تفكيك ضمانات استقلال القضاء التي أدت إلى زيادة تدخل السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية وموجة من الملاحقات القضائية التي استهدفت شخصيات معارضة وصحفيين ونشطاء مجتمع مدني ومسؤولين سابقين، مما زاد من تضييق الخناق على حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.
وبدأت المحاكمة في 24 جوان 2025 وانتهت بإدانة جماعية في 8 جويلية بحق 21 من أصل 24 شخصًا، بمن فيهم قادة بارزون في حزب النهضة، ومسؤولون حكوميون وأمنيون سابقون، ومحامون، وغيرهم من أعضاء أحزاب المعارضة. وتراوحت الأحكام بالسجن بين 12 و35 عامًا بحق 21 فردًا. وتمت تبرئة متهم واحد فقط، بينما ينتظر اثنان آخران قرار استئناف الأحكام الصادرة بحقهما.
وكان من بين المدانين راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة، الذي حكم عليه غيابيًا بالسجن لمدة 14 عامًا بعد رفضه حضور المحاكمة. وحُكم على أعضاء بارزين آخرين في حزب النهضة، بمن فيهم الحبيب اللوز وسمير الحناشي وفتحي البدوي، بالسجن 12 عامًا، في حين حُكم غيابيًا على عضوين منفيين في الحزب، هما معاذ الخريجي ولطفي زيتون، بالسجن لمدة 35 عامًا.
وبدأ التحقيق في ماي 2023، بعد تقرير من مخبر مجهول ادعى وجود شبكة سرية بقيادة الغنوشي تهدف إلى تغيير هيكل الدولة بمساعدة المسؤول السابق في وزارة الداخلية كمال بن البدوي. وزعم المخبر أيضًا تجنيد عناصر أمنية والتنسيق مع متهمين آخرين. وقد دُعّمت هذه الادعاءات لاحقًا بأقوال إضافية من مسؤولين أمنيين، كان أحدهم أيضًا مجهول الهوية.
ووفق العفو الدولية “استندت التهم إلى مزاعم بـ “التآمر على أمن الدولة” واعتمدت بشكل كبير على شهادة شهود مجهولين، واتصالات تم اعتراضها، ووثائق صادرتها الشرطة خلال مداهمات. وتألفت أغلب المواد من انتقادات سياسية واتصالات خاصة تنتفد الرئيس سعيّد ويعود تاريخها إلى الفترة بين عامي 2011 و2022، لكن دون توفر أدلة ملموسة على سلوك إجرامي. ولا يزال ادعاء السلطات الرئيسي بأن بعض السياسيين المعارضين يديرون “جهازًا أمنيًا”سريًا غير مدعوم بأي أدلة يمكن التحقق منها بشكل مستقل. واعتمد الادعاء بشكل كبير على مزاعم مجهولة الهوية روّجت لها وسائل إعلام ونقابات أمنية موالية للدولة، لكنه أخفق في تقديم وثائق مادية، أو إجراء تحقيق مؤسسي، أو التحقق المستقل لدعم هذا الادعاء. ولم يُجرَ أي تحقيق رسمي في المخالفات المزعومة، بما في ذلك تلك التي وقعت خلال استجواب المتهمين”.
وشابت المحاكمة انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة والحق في المحاكمة العادلة، ففي أواخر فيفري، قررت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة أن المحاكمات المقبلة المتعلقة بالإرهاب ستُباشَر بحضور المحتجزين عبر الإنترنت من داخل السجن، مشيرةً إلى “خطر حقيقي” لم تحدده. وواصلت المحكمة لاحقًا تجديد القرار بدون تقديم أي توضيحات إضافية.
وأضافت العفو الدولية، بأن المتهمين الموقوفين تحفظيًا أجبروا على حضور الجلسات عبر رابط فيديو عن بُعد، مما حدَّ بشدة من قدرتهم على التواصل مع المحامين أو متابعة مجريات المحاكمة، وفقًا لمحاميهم.
وعلى غرار ما حدث في قضايا بارزة أخرى، فُرضت قيود مشددة على دخول قاعات المحكمة بذريعة الضرورات الأمنية، ما حال دون حضور الصحفيين المستقلين، وعائلات المتهمين، والمراقبين المستقلين، فتقوّضت بشدة شفافية المحاكمة.
واختتمت سارة حشاش حديثها بالقول: “تفتقر هذه المحاكمات إلى الإنصاف والمصداقية والشفافية. إن الاعتماد المفرط على مصادر مجهولة وإجراءات سرية يجعل هذه المحاكمات صورية، ويحوّل الأحكام والإدانات الصادرة عنها إلى استخفاف صارخ بالعدالة” مطالبة “السلطات التونسية أن تتوقف عن إساءة استخدام القضاء لاستهداف المعارضين السياسيين، وأن تحترم سيادة القانون، وأن تعزز الحقوق الإنسانية لكل فرد في البلاد”.
واعتبرت العفو الدولية بأن “المحاكمة جرت وسط أزمة مستمرة تمس سيادة القانون في تونس. فمنذ جويلية 2021، تشهد البلاد تآكلًا لسيادة القانون، بما في ذلك من خلال تفكيك ضمانات استقلال القضاء التي أدت إلى زيادة تدخل السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية وموجة من الملاحقات القضائية التي استهدفت شخصيات معارضة وصحفيين ونشطاء مجتمع مدني ومسؤولين سابقين، مما زاد من تضييق الخناق على حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.
وكانت الدائرة الجنائية الخامسة المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب،قد أصدرت يوم 8 جويلية الجاري حكمها الابتدائي في قضية “التآمر 2” التي تشمل 21 متهما.
وتراوحت الأحكام في القضية المعروفة إعلاميا بـ “قضية التآمر 2” بين 12 و14 سنة سجنا بالنسبة للموقوفين، و35 سنة في حق المحالين المحالين بحالة فرار مع الإذن بالنفاذ العاجل في حقهم.