وأوضحت الرابطة والمنتدى في بيان مشترك لهما، أن “الهدف الأول من وراء هذا المؤتمر هو تجميع قوى الرفض والمعارضة للاستبداد والتفكير في إيجاد آليات عمل جماعية ومتضامنة ودائمة، بعد أن رفضت السلطة كل دعوات الحوار والتهدئة، وبالنّظر إلى التحدّيات التي نواجهها في معركة الإرادات ضدّ منظومة التسلط، وبناء قوة صدّ لوقف الانحدار المتسارع إلى الهاوية، ومن أجل الدفاع عن الحقوق والحريات، والمطالبة بإطلاق سراح كل المساجين والمسجونات والموقوفين والموقوفات، وإلغاء جميع القوانين والتشريعات السّالبة والقاتلة للحريات، ورفع التضييقات على الإعلام والصحفيين والصحفيات ونشاط الجمعيات والأحزاب السياسية المعارضة”.
وتوجهت الرابطة والمنتدى، إلى جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والشخصيات الوطنية والنخب والمثقفين والفاعلين السياسيين والمبادرات الشبابية المستقلة والمتنوعة وعائلات الموقوفين وهيئات دفاعهم، بمقترح مبادرة تجمع بينهم من أجل تنظيم هذا المؤتمر الوطني ودعتهما إلى الإمضاء على هذه المبادرة.
واعتبرت المنظمتان أنه “بعد صدمة الأحكام العبثيّة و الجائرة في حق عديد المعارضين والمعارضات وإيقاف المحامي والقاضي السابق أحمد صواب، لم يعد هناك مجال للشك لطيف واسع من التونسيين في أن مسار 25 جويلية قد جاء ليضع حدّا لكل الآمال الثورية في الحرية والديمقراطية والكرامة، وإسكات أصوات المعارضين والمعارضات والنخب و نشطاء وناشطات المجتمع المدني، وإشاعة الخوف في النّفوس، وشلّ الجسم الاجتماعي برمّته للتفرّد بالحكم”.
وبينت المنظمتان أنهما لمستا في الأيام الأخيرة ما وصفتاه بـ “اتّساع رقعة الوعي بطبيعة هذا الانحراف التسلطي وتوسّعه إلى فئات مختلفة من المجتمع، وصارت الأغلبية الصامتة بوازع الخوف أو اليأس من الّتغيير ترقب ردود فعل المجتمع المدني والنخب النشيطة وتتابع تحرّكات المدافعين والمدافعات عن الحرية، ولم تعد تأمل في إصلاح سياسيّ من داخل منظومة الحكم المغلقة والمتهوّرة. وتتأهب للتعبئة دفاعا عن الحرية والعدالة.”
وأضافتا أن “التجربة الديمقراطية التونسية تشهد انتكاسة مزدوجة فلا المطالب الاجتماعية للثورة تحققت، ولا هي في طريق التحقق” حيث لا تزال “مؤشرات الفقر والبطالة والتفاوتات الاجتماعية على حالها وهو ما يؤكّد سقوط شرعية الأداء بعد سقوط الشرعية الديمقراطية، ولا مكتسبات السّنوات الأولى للثورة ودستور 2014 في مجال الحقوق والحريات والانتخابات الحرة والنزيهة ترسّخت، بل نحن نعيش تقويضا ممنهجا لأسس الجمهورية الديمقراطية وتكريسا للحكم الفردي وتعميما للخوف بين الناس. وهو ما يعني أننا نتجه نحو المجهول في ظلّ أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة ونظام شمولي مطلق. يقمع كلّ أشكال الاحتجاج ويقصي المعارضين والمعارضات والمنتقدين والمنتقدات ولا يسمح ببلورة وعرض بدائل ممكنة في مناخ ديمقراطي مفتوح، ولا يأخذ بعين الاعتبار التحولات العالمية العاصفة وآثارها الخطيرة على منطقتنا وبلدنا.”
وتابعت المنظمتان أنه “أمام مجمل هذه المؤشّرات، بدأت تنمو وتتعزّز شرعيّة المقاومة المدنيّة بأدواتها المتجّددة. فنحن نلاحظ فاعليّتها منذ مدة غير قصيرة سواء في مستوى شبكة عائلات المساجين والمسجونات والمعتقلين والمعتقلات والملاحقين والملاحقات من مختلف التيارات والجهات ومجالات النضال، حيث مثّلت شهادات عائلاتهم.ن وحضورها الميداني في عديد التحركات قوّة دفع معنويّة وعامل تقريب للجهود وتظافرها دون إقصاء لهذا الطّرف أو ذاك من ضحايا الاستبداد، أو في مستوى مبادرات الشّباب والشابات الطّلابية عبر البيانات والعرائض الحاملة لحسّ ديمقراطي وحقوقي ثاقب، أو عبر عودة أهازيج الغضب لدى مجموعات “الألتراس” والناشطين والناشطات في الفضاء الافتراضي، فضلا عن إصرار جامعيين وجامعيات وأساتذة القانون و مناضلين سياسيين ومناضلات سياسيات وحقوقيين وحقوقيات من أجيال رائدة، سواء داخل البلاد أم في الهجرة، على مواصلة رفع التحدّي ومقاومة الاستبداد بكل جرأة. والتصدي لتوظيف القضاء وتخريب أسس دولة القانون التي تعلقت بها همة التونسيين والتونسيات منذ عقود وقطعوا خطوات في بنائها بعد 2011. ” وفق نص البيان.
كما اعتبرت المنظمتان أنه “لعلّ أكبر دليل على هذه الاستفاقة حملات التنديد وتحرّكات الشّارع التي واكبت أطوار إيقاف المحامي أحمد صواب ومثوله أمام القضاء، إذ استطاع، نظرا لما يتمتع به من تقدير واحترام واسعين، أن يجمع بين مجموعات هامّة من الشباب والشابات إلى جانب المدافعين والمدافعات عن الحريات من كل الأعمار فضلا عن نقابة الصحافيين وعمادة المحامين وجمعية القضاة والاتحاد العام التونسي للشغل ومجموعة من الأحزاب المناضلة”، كما عادت الحركات الاحتجاجية للفضاء العام متمسكة بسياسات وإجراءات فعلية تضمن حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بعيدا عن الوعود الفضفاضة.
وشددتا على “إنّ الشعار المركزي هو عودة الديمقراطية التي فتحت أفقها ثورة الحرية والكرامة رغم كلّ عثراتها، وهي مسؤولية وطنية وحضارية من المقام الأول ولا تخرج عن نطاق الممكن لأن التجربة التونسية، التي كانت أمل كلّ الثورات والانتفاضات العربية، تعيش اليوم انتكاسة فعلية ولأنّها محطّ آمال كلّ الديمقراطيين والديمقراطيات في منطقتنا بل وفي العالم الذي ينظر إلينا باهتمام”.
واضافتا “صار لزاما علينا أن نناضل على مختلف الجبهات بلا كلل وبكل الوسائل السلمية وأن نكون قادرين على تجميع طاقاتنا وأصواتنا لوقف التعسّف والقمع و العبث بمؤسسات الدولة ووضع حدّ للتهديدات والتخريب الممنهج الذي تنخرط فيه جهات ومجموعات غير رسمية ومحمية احترفت التشويه ونشر خطاب التّشفي والحثّ على العنف والكراهية ودفع البلاد إلى الفوضى”..”إن التحوّل في موازين القوى لفائدة قوى التغيير الديمقراطي صار ممكنا رغم مناخ القمع والخوف بفضل حالة الوعي وإرادة المقاومة والقدرة على التنظيم الجماعي لجهودنا”.


