وأشار رئيس اللجنة العلمية وأستاذ الكيمياء بجامعة قفصة ومدير مخبر أبحاث “تطبيقات المواد على البيئة والمياه والطاقة” الإمام العلوي، على هامش يوم دراسي علمي انتظم اليوم الأربعاء 23 أفريل 2025، بمجلس نواب الشعب، إلى الإشعاع الطبيعي للفسفوجيبس التونسي يناهز 270 بيكريل/للكغ وهو أقل من الحد المعياري الدولي البالغ 1000 بيكريل/للكغ وهو كذلك أقل من الإشعاع الطبيعي للفسفوجيبس الأجنبي المتأتي من تحويل الفسفاط الطبيعي المترسّب.
وشرح العلوي أن نتائج أبحاث اللجنة العلمية التي امتدت على 8 أشهر وتحليل 170 منشور علمي محكم، أن تركيزات الزرنيخ والرصاص والزئبق في الفوسفوجبس التونسي منخفضة للغاية أو لا تذكر، بما أن الفسفاط التونسي خال عمليا من هذه المعادن الثقيلة.
علما أن الفوسفوجيبس التونسي يتكون بصفة أساسية من الجبس، كما يشمل بدرجات منخفضة بعض المعادن (والمصنفة من المعادن الثقيلة) منها الزرنيخ والزئبق والرصاص، إضافة إلى مكونات ثانوية أقل تركيزا على غرار الأتربة النادرة (مثل الكادميوم)، وفق ما نقلته وكالة وات.
شدّدت اللجنة العلمية على ضرورة وقف سكب الفوفسفوجيبس في البحر، والمستمر منذ أواخر السبعينات، لأن تراكم هذه المادة في مكان واحد ولمدة طويلة يسبب خطرا على البيئة.
وأوضحت أن هذا الخطر مرتبط بشكل خاص بتراكم الشوائب غير القابلة للذوبان، بعد التحلل الكامل لمكونه الرئيسي كبريتات الكالسيوم ثنائي الهيدرات، والذي يمثل ما لا يقل عن 96 بالمائة من مكونات الفوسفوجبس.
وأشارت إلى أنه تم سكب حوالي 2.8 مليون طن في البحر في جهة قابس، خلال الفترة الممتدة بين 2011 و2023، في حين تم تكديس 1.6 مليون طن في مناطق في الصخيرة و0.6 مليون طن في المظيلة.
ودعت إلى ضرورة اعتبار الفوسفوجيبس التونسي منتجا مشتركا وليس “نفايات خطرة” والحد من تخزينه وتكديسه في الطبيعة دون تثمين.
وشددت اللجنة على أهمية تحفيز الجهات الاقتصادية على استخدام الفوسفوجيبس في مجالات أنشطتها لتصنيع مواد البناء والطرقات والاسمنت إضافة إلى استعماله في المجال الزراعي لاستصلاح الأراضي والتسميد.
ولفتت إلى أن عمليات التثمين ستكون بشكل تدريجي وليس كليا على غرار التجارب العالمية (على غرار الهند وإسبانيا ومصر..) نظرا لأهمية الكميات المنتجة من هذه المادة.
وأبرز رئيس لجنة التجارة والصناعة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة، شكري بن البحري، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي بالمجلس يأتي لفتح باب الحوار والوصول |إلى قرار وطني جامع يوازن بين التثمين والحماية والعدالة والحقوق البيئية.
وقال “لسنا ضد التنمية لكن لا تنمية على حساب البيئة”، وتابع “نخشى أن يتحول تثمين الفوسفوجيبس من فرصة اقتصادية إلى مغامرة صحية وبيئية”.
واعتبر أن المصانع لم تتحمل منذ السبعينات مسؤولياتها اتجاه المجتمعات المتضررة من نشاطها التحويلي الملوث. مبرزا أن التونسيين يراقبون طيلة عقود تآكل الشواطئ وانتشار الأمراض وتلوث المياه والهواء وتسرب المعادن الثقيلة والاشعاعات دون الحصول على أجوبة أو مساءلات حقيقية.
وكانت مجموعة من منظمات وجمعيات المجتمع المدني قد ندّدت بقرار تثمين مادة الفوسفوجيبس حذفها من قائمة المواد الخطرة.
واعتبرت أن هذه القرارات تمثّل “تراجعًا خطيرًا عن الالتزامات البيئية، و تكريسًا للممارسات التنموية التي تضرّ بالبيئة وتؤثر سلبًا على صحة المواطنين/ات في قابس”.