التقى رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أمس الإثنين 28 ماي 2024 بقصر قرطاج، مشكاةسلامة، رئيسة اللجنة الوطنية للصلح الجزائي، التي استعرض معها أعمال هذه اللجنة في المدّة الأخيرة.
و شدد سعيد على أن الدولة التونسية لا تسعى إلى التنكيل بأحد ولكنها تسعى إلى استرجاع حق الشعب في الأموال والمقدّرات التي نُهبت منه، مع إعطاء فرصة للمعنيين بالصلح الجزائي للعودة إلى سالف عملهم آمنين بعيدا عن كل ابتزاز، مشدّدا على أن حق الشعب التونسي لن يسقط بالتقادم أو، كما يتوهّم البعض، بأوراق الاقتراع.
كان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد تناول مسألة الصلح الجزائي مؤخرا بتاريخ 15 أفريل 2024 خلال اجتماع مجلس الأمن القومي و قال ، إن من يريد السلم والصلح مرحبا به
وأضاف لا نريد أن ننكّل بأحد ونريدهم أن يخرجوا من السجون لكن بعد أن يعيدوا الأموال إلى الشعب التونسي” مشددا على أن “أموال الشعب تعود إلى الشعب”، وفق تعبيره.
ماهو قانون الصلح الجزائي؟
صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في 18 جانفي 2024، قانون عدد 3 لسنة 2024 مؤرخ في 18 جانفي 2024 المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلّق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته
يهدف الفصل الثاني من هذا المرسوم إلى استبدال الدعوى العمومية أو ما ترتب عنها من محاكمة أو تتبع أو عقوبات بدفع مبالغ مالية او إنجاز مشاريع
الصلح الجزائي بين تكريس مبدأ العدالة الجزائية التعويضية و ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب
المقصود بالعدالة الجزائية التعويضية والمجسّمة في الصلح الجزائي، هو جبر الضرر الناتج عن الجرائم جبرا عادلا متناسبا مع حجم الضرر دون اشتراط للمحاسبة أو للملاحقة القضائية لمرتكبي الجرائم أو الانتهاكات، بل هي تهدف إلى استبدال الدعوى العمومية أو ما يترتّب عنها من محاكمات أو عقوبات بدفع مبالغ مالية.
في هذا السياق قال المحامي و رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة وليد العرفاوي في تصريح لكشف ميديا إن قانون الصلح الجزائي لا يعتبر محاكمة إنما هو إجراء تفاوضي و صلحي بطلب من المعني بالأمر، يعوض المحاكمة يخضع لمبادئ قانونية تضمن حقوق طالب الصلح.
كما اعتبر محدثنا أن الصلح الجزائي لا يعتبر إفلاتا من العقاب، حيث أنه أغلق الأبواب أمام عمليات الإبتزاز ن مضيفا القول “الدولة تنازلت عن حقها في تنفيذ العقاب البدني ، و لكنها سعت إلى تنفيذ أهم هدف و هو إسترجاع الأموال المنهوبة”.
في المقابل إعتبر المحامي أحمد صواب أن قانون الصلح الجزائي مبني على الابتزاز من قبل الدولة على طريق محمد بن سلمان حيث أن رئيس الدولة قيس سعيد كان قد دعا في أحد تصريحاته الى الصلح الجزائي لتجنب الدخول للسجون وبعد مرور أشهر، دعا الى الصلح الجزائي للخروج من السجون وهو ما اعتبره صواب تناقض في القرارات.
في ذات الإطار اعتبرت منظمة أنا يقظ في بيان لها في نوفمبر 2023 ، أنّ مرسوم الصلح الجزائي الّذي من المفروض أن يكون تكريسا لمبدأ العدالة الجزائية التعويضية ما هو إلاّ ترسيخ لثقافة الإفلات من العقاب و إفراغ للسياسة الجزائيّة للدولة من طابعها الزجري و الردعي.
يذكر أن مسألة الصلح الجزائي طرحت منذ سنة 2012 من طرف أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيد، الذي أكد في تصريح لوكالة تونس إفريقيا لألنباء بتاريخ 18 مارس ،2013 أن”الصلح الجزائي هو إجراء قضائي تنص عليه مجلة اإلجراءات الجزائية” وأن “مقرتحه يبقى نتاج تصور شخصي ولا علاقة له بأي تنظيم سياسي.