هود بعزاوي مواطن تونسي قام بنشر مقطع فيديو على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، انتقد من خلاله غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات بالإضافة إلى الحديث حول افتقار منطقته للمواد الأساسية التي تكاد تكون مفقودة.
مقطع الفيديو، تضمن الفيديو نقدا للنظام الجبائي الذي يتسم باللاعدالة حسب ما جاء على لسانه وأن الدولة تقوم بتفقير الفلاحين والمواطنين وتثقل كاهلهم بالضرائب المجحفة، موجها اللوم والمسؤولية إلى رئيس الجمهورية الذي يعتبره السلطة المسؤولة بالبلاد، كما عبّر في الفيديو موضوع الشكاية عن ندمه في انتخاب الرئيس الحالي فالانتخابات الرئاسية لسنة 2019.
وعلى خلفية هذا الفيديو، قامت السلطات بفتح بحث تحقيقي ضده، وفي 30 نوفمبر أذنت النيابة العمومية بالاحتفاظ به لمدة 48 ساعة، ليتقرر فيما بعد حفظ تهمة ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية والاكتفاء بالإحالة على معنى الفصل 24 من المرسوم 54. إلا أن النيابة العمومية قامت باستئناف قرار ختم البحث والذي تم قبوله، لتتم إحالة ضحية الانتهاك بتهمتي ارتكاب أمر موحش ونشر أخبار كاذبة بهدف الاعتداء على حقوق الغير والإضرار بالأمن العام، وفق ما نقلته جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات.
واعتبرت جمعية تقاطع، أن إحالة المواطنين على القضاء وتهديدهم بالسجن يعد انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان، كما يمثل ضربا صريحا لحرية الرأي والتعبير، حيث إن إيقاف المواطن هود بعزاوي والتحقيق معه وعرضه على القضاء يعتبر انتهاكا لحقه في حرية الرأي والتعبير المكفول بنص الدستور التونسي في فصله السابع والثلاثين الذي ينص على “حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة “والمحمي بموجب الاتفاقيات والمواثيق الإقليمية والدولية.
وأضافت أن، استعمال المرسوم عدد 54 في جميع قضايا الرأي وتكييفها على أنها إشاعات وأخبار كاذبة لا يعكس سوى النية الحقيقية للسلطة من توظيف هذا النص في ضرب الحقوق والحريات وهرسلة المواطنين، خاصة وأن ضحية الانتهاك قام بنشر مقطع فيديو قام من خلاله بالتنديد بالأوضاع الاقتصادية المتردية في منطقته والتشكي من فقدان المواد الأساسية. ليجد نفسه مهددا بعقوبات سجنية مجحفة.
حيث يتضمن المرسوم عدد 54 الصادر في 13 سبتمبر 2022 خاصة منه الفصل 24 على عقوبات مشددة تقدر بخمس سنوات سجن وخطية مالية وتتضاعف هذه العقوبة في حال تعلقت القضية بموظف عمومي، وهو ما يشكل تهديدا لحرية الرأي والتعبير ويعتبر مخالفا لالتزامات الدولة التونسية الدولية في مجال حرية الرأي والتعبير.
وأشارت جمعية تقاطع إلى أن هذا النص أصبح سلاحا مفضّلا في يد السلطة تصيب به كل من تخول له نفسه انتقاد الأوضاع أو التشكي أو التعبير عن رأيه في قضايا تهم الشأن العام بكل حرية. بالإضافة إلى هذا أن استخدام تهمة ارتكاب امر موحش ضد رئيس الجمهورية موضوع الفصل 67 من المجلة الجزائية، الذي أصبح أداة لترهيب المواطنين وضرب حريتهم حيث أن مثل هذه النصوص القمعية لا توجد إلا في النظم السياسية التي تنتهج طريق الاستبداد والقضاء على تعدد الآراء وقمعها باستعمال العقوبات السجنية والترهيب كما كان يفعل نظام ما قبل الثورة لإخماد كل الأصوات الناقدة.