نظمت وزارة الشؤون الاجتماعية، اليوم الأحد 1 أكتوبر 2023 بالعاصمة ،منتدى رفيـع المستـوى حول ” العقد العربي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة 2023-2032، تحت إشراف رئيس الجمهورية بهدف ضبط مخطط عملي لتنفيذ هذا العقد العربي والمتضمن ل 17 محورا، حيث سيتم العمل على تبادل التجارب و الخبرات العربية من أجل ضبط الآليات الكفيلة بتنفيذ المحاور ال 17 لهذا العقد الذي انبثق عن قرار القمّة العربية في دورتها 32 (السعودية، 19 ماي 2023).
كما يهدف هذا المنتدى الذي تنظمه وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قطاع الشؤون الاجتماعية إلى الارتقاء بأوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة وصولا إلى مبدأ المساواة في المواطنة في الدول العربية بمختلف ظروفها وتحدياتها من خلال توفير تكافؤ الفرص وإدماجهم الكامل في المجتمع ودعم جهود الدول العربية لمواصلة تنفيذ الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ووضع تشريعات وسياسات للاستجابة لاحتياجات هذه الشريحة من المجتمع.
وبيّن مالك الزاهي، في مستهلّ كلمته، حرص رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضمان مشاركة الأشخاص ذوي الاعاقة في الشأن السياسي والعام وتواجدهم في موقع القرار للدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. مشيرا إلى أن ما دعت له جامعة الدول العربية والمنظمات العاملة في مجال الإعاقة بالوطن العربي من أجل صياغة العقد العربي الثاني لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 2023 -2032 ووضع خطة عمل عربية موحدة للتدخل أثناء النزاعات والأزمات الإنسانية والطبيعية وعند انتشار الأوبئة في المنطقة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة يمثل نقلة نوعية هامة في العمل العربي المشترك بما ينعكس ايجاباً على الحياة اليومية للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأبرز الراهي، في نفس السياق، تبنّي بلادنا النهج الاجتماعي القائم على حقوق الانسان وهو ما تضمّنه الدستور التونسي بالفصل 54 والرامي لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة باعتبارهم مواطنين كاملي الحقوق دون إقصاء او تمييز حيث نص على ما يلي ” تحمي الدولة الأشخاص ذوي الإعاقة من كل تمييز وتتّخذ كل التدابير التي تضمن لهم الاندماج الكامل في المجتمع”، مبيّنا أن اعتماد العقد العربي الثاني لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومتابعة تنفيذه وإقراره كأحد العناصر ذات الأولوية في اجتماعات جامعة الدول العربية ذات العلاقة إنما ينمّ عن اهتمام القادة العرب بمواصلة الجهود العربية لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الاتفاقيات والمواثيق العربية والدولية ذات الصلة.
وأكّد الزاهي، بالمناسبة أنّ الدولة التونسية قد أولت عناية خاصة بالشخص ذي الإعاقة واعتبار حقوقه الخاصة جزءا لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان عامة من ذلك تخصيص ما لا يقل عن 279 مقعدا للأشخاص ذوي الإعاقة لعضوية المجالس المحلية المقرر تنظيم انتخاباتها يوم 24 ديسمبر المقبل طبقا لما أقره الأمر عدد 590 المؤرخ في 21 سبتمبر 2023 المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية وضبط عدد المقاعد المخصصة لانتخابات المجلس الوطني للجهات والأقاليم علما و أنّ هذا العدد قابل للزيادة بالنظر الى أنّ الأشخاص ذوي الاعاقة يمكن لهم نيل عضوية المجالس المحلية من خلال المشاركة في الانتخابات المباشرة لاختيار أعضاء المجلس المحلي، بالإضافة الى المقعد المخصص في كل مجلس محلي لذوي الإعاقة.
كما أكّد الزاهي أنّ تونس شرعت في تنفيذ إصلاحات جريئة في كل المجالات التي لها علاقة بالإعاقة من مراجعة للسياسات والبرامج ومواءمتها مع المقاربات الحديثة في المجال ومنها الانطلاق في مراجعة قطاع التربية المختصة من خلال إصدار الامر عدد عدد 930 لسنة 2022 مؤرخ في 7 ديسمبر 2022 المتعلق بإحداث المركز الدولي للنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة بما ساهم في تحقيق أقصى درجات الاستفادة لفائدة الأطفال ذوي الإعاقة بالإضافة الى الانطلاق في إعادة هيكلة مجال التربية المختصة.
كما أشار الوزير أنّ بلادنا تعمل على ترسيخ حق الأشخاص ذوي الإعاقة في استغلال تكنولوجيات الاتصال الحديثة لدعم مسارات إدماجهم في الحياة العامة وتيسير وصولهم للخدمات وتحقيق استفادتهم مما تتيحه وسائل الثقافة الرقمية من أبعاد إدماجيه، مبيّنا أن وزارة الشؤون الاجتماعية عملت في إطار برنامج E-handicap على بعث وحدات إعلامية بالمؤسسات العمومية المختصة في تكوين وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة وبمراكز التربية المختصة التابعة للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة تتضمن تجهيزات وتطبيقات إعلامية ذات مضامين بيداغوجية وتربوية ملائمة لخصوصيات الفئة المستهدفة.
وشدّد الزاهي في كلمته أنّ الرؤية الجديدة للسياسة الاجتماعية لتونس تنسجم مع التوجهات الدولية الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030 ومع إرساء الأرضية الوطنية للحماية الاجتماعية التي ضبطتها منظمة العمل الدولية سنة 2012 من ناحية أخرى. بالإضافــة إلى الجهــود المبذولــة لتعزيز قابليــة التشغيل لــدى هذه الفئة عبر التكوين المهني الجيد والإعــداد للحيـاة المهنية وتعزيز مكانة الشخـص ذي الإعاقة في الدورة الاقتصاديـة ومساهمته في المجهــود التنموي للبلاد وإعمال مبدأ التمييز الإيجابي من خلال إقرار المشرّع التونسي لنسبة 02 % من مواطن الشغل بالقطاع العام والخاص تسند بالأولوية لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة مع الحفاظ على حقهم الكامل في التناظر على كل الخطط الوظيفية المفتوحة للعموم. مذكّرا في هذا السياق أنّه تم الانطلاق خلال شهر سبتمبر 2023 في حملة لمراقبة مدى تطبيق أحكام إلزامية تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة بالقطاع الخاص من قبل هياكل تفقدية الشغل وتفقدية طب الشغل ومصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وجدّد الوزير في ختام كلمته أنّ مجمل التشريعات والبرامج والخدمات التي تستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف مراحل الحياة تستمد شرعيتها وتوجهها أولا من روح الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتستند في بعدها الاستشرافي على مضامين وأهداف العقد العربي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة الذي استوعب حقوق هذه الفئة في بعدها الشمولي وضمان العيش باستقلالية مرورا بالمشاركة الفاعلة والكاملة في الحياة الاجتماعية والسياسية والأنشطة الثقافية والرياضية.