قالت منظمة آلارت إن السلطة تطرقت مرة أخرى لمواضيع حارقة وحساسة بهدف تسييس الأزمة ودون الخوض في عمق المشاكل أو اقتراح معالجة جدية للآفات الاقتصادية والاجتماعية التي تتوالى علينا، حيث تم نشر على صفحة رئاسة الجمهورية منشور حول أزمة الخبز، وكان الخطاب المعتمد يهدف إلى تحويل المسألة إلى فرصة لفض نزاعات سياسوية والتملص من المسؤولية المباشرة في تأزم الأوضاع الاجتماعية.
و لاحظت منظمة آلارت أنه كلما اشتدت الأزمة، كلما التجأت المنظومة إلى نصوص وقوانين قديمة هي السبب الأصلي لانهيار المنظومة الاقتصادية والاجتماعية في تونس.
مضيفة أنه يجب التوقف على الأسباب الهيكلية والظرفية لانهيار منظومة الخبز لتفادي السقوط في الاستعمال الاعتباطي لمصطلحات جوفاء، وفق تعبيرها.
و أوضحت المنظمة في منشور لها أن المشاكل الهيكلية تكمن على مستويين اثنين، الأول هو مستوى الإنتاج المحلي للحبوب والثاني هو توزيع الحصص على المتدخلين.
و أضافت في نفس السياق أنه و في أحسن الأوضاع المناخية لم يكن الانتاج المحلي قادرا على تغطية الحاجيات السنوية من الحبوب بسبب اهمال القطاع الفلاحي (خاصة الزراعات الكبرى) وبسبب تسعيرة شراء متدنية لا تمكن المنتجين من العيش الكريم. ففي أعلى المواسم من حيث الانتاج لم يتمكن القطاع من انتاج أكثر من 55% من حاجياتنا من القمح الصلب و0,3% من حاجياتنا من القمح اللين.
أما على مستوى توزيع الحصص، يشكوا القطاع من اختلال في توزيع القموح بين المطاحن بسبب هيمنة غرفة المطاحن التابعة لمنظمة الأعراف على ديوان الحبوب.
آلارت إعتبرت أنهذه الوضعية الهيكلية تعكرت لأسباب ظرفية سرعت في انهيار منظومة الخبز، حيث شهد القطاع اضطرابات كبيرة على مستوى استيراد مادة القمح الصلب التي انخفضت بنسبة 30% خلال الخمس الأشهر الأولى من سنة 2023 مقارنة بالسنة الفارطة جراء شح السيولة وعجز ديوان الحبوب على تمويل حاجيات السوق.
و نتج عن هذا النقص على مستوى القمح الصلب وفق المنظمة ضغط كبير على مادة السميد التي ادت بدورها الى ارتفاع الطلب على مادة الفارينة مما انجر عنه فقدان الخبز المدعم. أثر الغياب المتفاوت للخبز على العادات الاستهلاكية للمواطن وارتفاع الطلب بسبب انعدام الثقة في السلطة لايجاد حلول سريعة وناجعة لهذه الأزمة.
كما ساهمت الأوضاع المناخية التي شهدها موسم 2023 من جفاف وأمطار متأخرة، وفق نفس المصدر في التأثير على كمية وجودة انتاج القمح الصلب الذي بلغ 2,3 مليون قنطار أي ما يعادل 19% من حاجيات السوق. وقد شهد المنتجون تعسف من طرف السلطات في عملية جمع الانتاج أمام ترددهم خوفا على فقدانهم لبذور الموسم المقبل.
كما انخفضت نفقات دعم المواد الأساسية ب90% خلال الثلاثي الأول بين سنتي 2022 و2023، التي مرت من 400 مليون دينار أي 30,7% من نفقات الدعم إلى 42,9 مليون دينار أي 3,4% فقط من نفقات الدعم. هذا إلى جانب عدم سداد مستحقات الدعم منذ 12 شهرا مما أثقل ديون ديوان الحبوب الذي أصبح عاجزا على توفير حاجيات السوق.
مضيفة أن السلطات تتجاهل دورها المباشر في تعكر الأزمةو تلجأ إلى إجراءات تخدم مصالح غرف نقابات الأعراف والتي ستولد اضطرابات جديدة.