رفعت كلّ من الهيئة الوطنية التونسية للدفاع عن الحريات والديمقراطية، ومنظمة محامون بلا حدود، والشبكة الأورو-متوسطية للحقوق، ومعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، شكوى مشتركة اليوم أمام الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي نيابةً عن ثمانية سجناء سياسيّين تونسيّين معتقلين على خلفية تهم مُلفّقة بالتآمر ضد الدولة حسب بيان تحصلت كشف على نسخة منه . .
كما دعت السلطات التونسية إلى إسقاط التهم الموجّهة ضدهم وضد كل الذين يُحاكَمون أو يسجنون لمجرّد ممارستهم حقوقهم المدنية والسياسية. و وقف كافة الممارسات التي تستهدف تقييد الحق في المشاركة السياسية وحرية التعبير والتجمّع السلمي في تونس.
و أشار البيان إلى أن الشكوى قدمت نيابةً عن خيام التركي، وشيماء عيسى، وعبد الحميد الجلاصي، وعصام الشابي، وغازي الشواشي، ورضا بلحاج، وجوهر بن مبارك، ولزهر العكرمي. وتقبع هذه الشخصيات السياسية المُعارِضة الثمانية رهن الاحتجاز التعسفي على ذمّة التحقيق في قضية “التآمر ضدّ الدولة”. و كانت وحدة مقاومة الإرهاب التابع لوزارة الداخلية قد ألقت القبض عليهم في الفترة الممتدّة بين 11 و25 فيفري 2023، على خلفية تهم ملفّقة تستند إلى مزاعم لا أساس لها. ووجهت إليهم بعد ذلك تهم خطيرة للغاية بموجب فصول من قانون مكافحة الإرهاب والمجلّة الجزائية التونسية، بما في ذلك الانتماء إلى جماعة إرهابية، والتآمر ضدّ أمن الدولة، ومحاولات الإطاحة بالحكومة. تحتمل ادانتهم أحكام قاسية قد تشمل عقوبة الإعدام.
في هذا الإطار، قال رئيس الشبكة الأورو-متوسطية للحقوق وديع الأسمر: “تعتبر منظّماتنا أنّ احتجاز المعارضين السياسيّين الثمانية في هذه القضية هو بمثابة انتقام مباشر منهم بسبب اصرارهم على ممارسة حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في المعارضة السياسية السلمية. فجلّ ما قاموا به هو انتقاد التدابير غير الديمقراطية وغير الدستورية التي إتخذها الرئيس منذ جويلية 2021، ما أدى إلى حرمانهم من الحرية وتعريض حياتهم للخطر في حال إدانتهم”.
أوضحت المنظمات في الشكوى المقدّمة كيف أنّ احتجاز المعارضين السياسيّين الثمانية والتحقيق معهم واستمرار احتجازهم ينتهك حقوق الإنسان الأساسية التي تعهّدت تونس باحترامها بموجب دستورها والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وبحسب المديرة التنفيذية لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط مي السعدني، “إن السلطات التونسية تنتهك الحق في حرية التعبير وحرية التجمّع السلمي وحرية المشاركة في الشأن العام والحق في عدم الحرمان من الحرية تعسّفيًا والحق في محاكمة عادلة. ينبغي على السلطات التونسية احترام التزاماتها بموجب القانون الوطني والدولي ووقف هذه الانتهاكات”.
يُشار إلى أنّ حقوق الضحايا انتُهِكَت حسب نص البيان منذ البداية عندما قوّض الرئيس علنًا مبدأ قرينة البراءة إذ وصفهم بأنّهم “إرهابيون” واتّهمهم بـ”التآمر لزعزعة الدولة وإثارة التوتر الاجتماعي”. بالإضافة إلى ذلك، شهد التحقيق تدخّلات صارخة وضغوطًا من الرئيس قيس سعيد على القضاء وخاصة تهديده المباشر للقضاة بقوله أمام الكاميرا “من يبرئهم فهو شريك لهم.” فقد قوّض الرئيس سعيد استقلالية القضاء بشكل ممنهج منذ جويلية /يوليو 2021، بعد أن حلّ مجلس القضاء الأعلى وأعفى 57 قاضيًا بشكل تعسفي، وطالب علنًا النيابة العامة بتسريع التحقيقات والملاحقات القضائية بحقّ المتهمين المعنيّين.
وصرّح مدير مكتب محامون بلا حدود لمنطقة البحر الأبيض المتوسط أنطونيو مانغانيلا قائلًا: ” هذه قضية ذات تابع سياسي صرف. فالتهم مجردة، تُشكّل هذه القضية جزءًا من حملة أوسع ضد المعارضة السلمية في تونس تهدف إلى إسكات الأصوات المعارِضة و إلغاء التعددية السياسية في البلاد.”
من جهته، أشار رئيس الهيئة الوطنية التونسية للدفاع عن الحريات والديمقراطية العياشي الهمامي إلى أنّ “الرئيس قيس سعيد يسير بخطى ثابتة نحو الحكم الاستبدادي. فبدلاً من استهداف جميع الأصوات المعارِضة، يجب على السلطات إحترام مبادئ دولة القانون والحريات وفتح حوار ديمقراطي مع كل الفاعلين السياسيين للخروج من الأزمة “.