قال يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل في كلمة له خلال ندوة صحفية دولية للجنة الدفاع عن القضاة المعزولين و منظمات مدنية بعنوان ” دفاعا عن إستقلالية القضاء” إن التاريخ المعاصر للقضاء التونسي هو تاريخ من السعي المحموم من السلطة للسيطرة على القضاء ، و تختلف درجاته من سعي محتشم إلى سعي مفضوح.
مضيفا أنه في بعض الأحيان كان هذا الضغط يحقق نتائج تخدم مصالح السلطة السياسية.
و أضاف بوزاخر أنه بعد الإستقلال قيل إن استقلال القضاء ليس أولوية و المرحلة تقضي تركيز سلطات للمساعدة في بناء الدولة، و بقي مصير القضاة رهن السلطة التنفيذية رغم التنصيص على وجود مجلس أعلى للقضاء الذي تأخر تركيزه ب8 سنوات بعد دستور 1959 و كان للسلطة التنفيذية و رئيس الجمهورية صلاحيات التحكم في القضاة.
معتبرا أن هذا الأمر تواصل بعد تولي سلطة جديدة سنة 1987 عبر حملات ضد القضاة.
بوزاخر قال في كلمته إنه و بعد 2011 حاولت السلطة المتمركزة في باردو عبر المجلس التأسيسي مواصلة نفس المسار و المحافظة على نفس المنظومة ، رغم التزام المجلس باستقلال القضاء، لكنه سقط في أول إمتحان بسبب خلاف بين أعضائه، حسب تعبيره.
كما تحدث بوزاخر عن عملية إعفاء 80 قاض بعد الثورة بقرار من رئيس الحكومة عبر توصيات من وزير العدل نور الدين البحيري آنذاك ، في مواصلة لسياسة العقوبات على القضاة حسب تعبيره.
بوزاخر قال إن الحوار المدني المفتوح في تلك الفترة كان له ضغط وتأثير على الساحة السياسية وهو ما تجسد في إقرار أن الإشراف على القضاء يسند لهيكل مستقل عن السلطة التشريعية و التنفيذية ، و هو ما تم تكريسه في نص دستور 2014.
لكن المتحدث إعتبر أن هذا المكسب سرعان ما تم الارتداد عنه من السلطة السياسية، عبر الإبقاء على إختصاص وزارة العدل في انتداب القضاة و تفقد أعمالهم و تحديد أجورهم و التحكم في التسيير المالي و الإداري للمحاكم.
وحسب بوزاخر ، بعد انتخابات 2019 برزت من جديد الرغبة في تحكم السلطة السياسية في القضاء و أخذت منحى تصاعدي عبر رفض 3 قرارات صادرة عن المجلس من طرف السلطة التنفيذية ، إضافة إلى رفض رئيس الجمهورية لممارسة المجلس السلطة على التسيير المهني للقضاة بدعوى تفكيك الدولة، مضيفا القول “و كأن المجلس الأعلى للقضاء ليس جزءا من هذه الدولة”.
و قال أيضا: “للسلطة السياسية سلطات في علاقة بالمسارات المهنية للقضاة،و لرئيس الجمهورية الحق في المبادرة في طلب مراجعة التعيينات و الإعتراض على تسمية القضاة وتعيينهم وترقيتهم ونقلهم بناءا على تقارير، كما له الحق في الإختيار بين 3 قضاة يختارهم المجلس للوظائف السامية و يمكنه الاعتراض عليهم و إقتراح أسماء أخرى ، ويمكنه أيضا التعيين من تلقاء نفسه إذا لم يقع إستبدالهم”
كما اعتبر أن أخطر الصلاحيات الآن هي إمكانية طلب إعفاء القضاة من المجلس الوقتي، أو من تعلقت بهم قضايا تمس من استقلالية القضاء دون الطعن فيها.
و أنهى يوسف بوزاخر كلمته قائلا “هذه الصلاحيات أنتجت حالة من الخوف و الرعب في صفوف القضاة، خصوصا بعد إعفاءه 57 قاضيا في ليلة واحدة، و تحول الإعفاء إلى وظيفة تأديبية”