بقلم طارق الطرابلسي
اشراف عام: خولة بوكريم
يتضخّم عددهم ويتقلّص بحسب وتيرة إجراءات الإيقاف أو حالات السراح، إلاّ أنّ المحصلة النهائية حتى شهر أفريل الحالي زاد عددهم عن 20 شخصا. إنهم المعتقلون السياسيون في تونس، إذ يقبع بعضهم منذ أشهر خلف القضبان و منهم من لم تتجاوز مدّة إيقافه أياما.
أغلبهم قيادات سياسية وإعلامية واقتصادية بارزة، و رغم اختلافاتهم السياسية وانتماءاتهم الإيديولوجية المعروفة فقد جمعتهم معارضة نظام الرئيس قيس سعيّد وجدران سجونه.
فمن هم معتقلو الرأي في تونس وماهي التهم الموجّهة إليهم؟
2022 وتواصل خلال محطات عديدة، آخرها إيقاف رئيس حركة النهضة المعارضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي » ر إعلان ما يسمى “الحرب على الفساد والفاسدين” pour فسير معارضيه.

أفريل 2023
في 19 من أفريل الحالي وبعد موعد الإفطار بدقائق أُعلن توقيف راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة المعارضة ذات الميول الإسلامية والذي عاد لتونس بعد أكثر من عشرين سنة قضاها في منفاه بالعاصمة البريطانية لندن لتحصل حركته على كتلة مهمة داخل البرلمانات ما بعد الثورة ثم وصل إلى رئاسة أخر برلمان وقع حله من قبل قيس سعيّد . كما تمّ توقيف عدد من قيادات الحركة و إطاراتها من بينهم القيادي محمد القوماني و بلقاسم حسن الذين وقع إطلاق سراحهما مع تحجير السفر ضدّهما فيما تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن ضد الغنوشي بتهم التآمر على أمن الدولة الداخلي وتدبير الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض.
وفي ذات الإطار قررت النيابة العمومية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الإحتفا ظ بمدير مكتب رئيس الحركة والنائب السابق بالبرلمان المنحل أحمد المشرقي با المركزية بحركة النهضة يوسف النوري وذلك على ذمة ا 12 شخصا أخرين .
في 3 مارس 2023 وفي منطقة غمراسن من ولاية تطاوين وقع إلقاء القبض على محمد بن سالم القيادي السابق بحركة النهضة والقيادي الحالي بحزب العمل والإنجازالذي تأسس من قبل مجموعة قيادات انفصلت عن حركة النهضة والمحسوب على التيار الإسلامي وبحوزته مبالغ مالية مهمّة وهو بصدد اجتياز الحدود التونسية الليبية وفق رواية وحدة الأبحاث والتفتيش بالحرس الوطني. بينما نفت عائلة بن سالم تلك الادعاءات وشددت على أنه كان في زيارة لأقارب له بالمنطقة، محمّلةً السلطات المسؤولية عن أي تدهور في صحته، باعتباره يعاني من عدّة أمراض وقد لازم المستشفى لأيام خلال مكوثه بالإيقاف.

مارس 2023
في 3 مارس 2023 وفي منطقة غمراسن من ولاية تطاوين وقع إلقاء القبض على محمد بن سالم القيادي السابق بحركة النهضة والقيادي الحالي بحزب العمل والإنجازالذي تأسس من قبل مجموعة قيادات انفصلت عن حركة النهضة والمحسوب على التيار الإسلامي وبحوزته مبالغ مالية مهمّة وهو بصدد اجتياز الحدود التونسية الليبية وفق رواية وحدة الأبحاث والتفتيش بالحرس الوطني. بينما نفت عائلة بن سالم تلك الادعاءات وشددت على أنه كان في زيارة لأقارب له بالمنطقة، محمّلةً السلطات المسؤولية عن أي تدهور في صحته، باعتباره يعاني من عدّة أمراض وقد لازم المستشفى لأيام خلال مكوثه بالإيقاف.

قبل ذلك بيوم واحد أي في الثاني من مارس 2023 أعلن عن توقيف القيادي الدعوي وأحد قيادات الصف الأول في حركة النهضة ذات الميول الإسلامية سابقا والذي شغل منصب نائب بالمجلس الوطني التأسيسي في سنة 2011 وذلك استنادا إلى قضية مالية منشورة في حقّه.

فيفري 2023
هذا الشهر يعتبر من أكثر الأشهر استهدافا للمعارضين السياسيين بحسب الإحصاءات، إذ شهد لوحده اعتقال 12 شخصا ممن لا يزالون رهن الاعتقال بالسجون.
ففي 24 من فيفري 2023 أُلقي القبض على جوهر بن مبارك أستاذ القانون الدستوري وعضو جبهة الخلاص المعارضة وأحد المحسوبين على القوى الديمقراطية التقدمية وهو ابن المناضل اليساري عز الدين الحزقي بشبهة تكوين وفاق بهدف التآمر على أمن الدولة.

كما وقع إيقاف الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي ورئيس كتلته بالبرلمان المنحل المحامي غازي الشواشي العضو السابق بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وأحد مؤسسي التيار الديمقراطي ذو التوجهات الديمقراطية التقدمية في نفس اليوم. ولكن بتهمة مزدوجة التآمر على أمن الدولة بتهمة كيدية ملفقة من قبل وزيرة العدل ليلى جفال ليحاكم على معنى المرسوم 54 المثير للجدل.

في ذات اليوم أي في 24 من فيفري أُعلن توقيف القيادي السابق بحزب نداء تونس الذي جمع مختلف العائلات السياسية اليسارية و الليبرالية والتقدمية والذي سرعان ما أصبح ناشطا صلب جبهة الخلاص المعارضة رضا بلحاج في قضية التآمر ذاتها.
وفي 22 من فيفري تمّ إيقاف القيادية بجبهة الخلاص المعارضة شيماء عيسى الناشطة النسوية والحقوقية والشاعرة التى زاولت درستها للفنون الجميلة في روما كما درست أصول الدين بجامعة الزيتونة في نفس القضية وهي التآمر على أمن الدولة ومحاولة تبديل هيئة الدولة

نفس المصير عرفه السياسي عصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري الذي يصنّف سياسيا ضمن العائلة الديمقراطية التقدمية وشقيق رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة أحمد نجيب الشابي، حيث وقع إيقافه في 22 من فيفري الماضي بنفس التهم التي توقف بها زملاؤه السابق ذكرهم.

في 14 من فيفري تمّ إيقاف القيادي وليد الجلاد النائب السابق عن حزب حركة نداء تونس الذي جمع شخصيات من مدارس سياسية مختلفة يسارية وليبرالية وتقدمية وكان عضو لجنة تنسيق محلية في حزب التجمع الدستوري المنحل ويشغل منصب رئيس الجمعيّة الرياضية بسلمان حاليا وليد الجلاد ضمن قضيّة لدى القطب القضائي الإقتصادي والمالي

وفي 13 من فيفري وقع إيقاف القيادي السابق بحركة نداء تونس الناشط السياسي والمحامي لزهر العكرمي الذي تنقل من العائلة السياسية القومية إلى حرب نداء تونس ذو التوجه العلماني الحداثي وذلك بتهمة التآمر على أمن الدولة ومحاولة تبديل هيئتها.

أما القيادي بحركة النهضة ذات الميول الإسلامية ورئيس كتلتها في البرلمان السابق نور الدين البحيري فقد تمّ توقيفه أيضا في 13 من فيفري الماضي فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة مع نشطاء سياسيين آخرين إثر تدوينة نسبت له. رغم أنّه كان موقوفا على ذمة قضايا أخرى تتعلّق بشبهات إرهابية قبل ذلك.
وفي 11 من فيفري تم توقيف رجل الأعمال والناشط السياسي خيام التركي الذي انخرط في وقت ما داخل حزب التكتل من أجل العمل والحريات ذو التوجهات الإشتراكية التقدمية والذي وقع طرح اسمه قبل سنوات كمرشح لرئاسة الحكومة خلفا لـ إلياس الفخفاخ. وتوجيه تهم له على رأسها التآمر على أمن الدولة مع مجموعة السياسيين المعتقلين.
وفي نفس اليوم تمّ أيضا توقيف القيادي السابق بحركة النهضة المصنفة ضمن أحزاب الإسلام السياسي والنائب بالمجلس الوطني التأسيسي عبد الحميد الجلاصي في ذات القضية المعروفة إعلاميا بقضية التآمر على أمن الدولة ومحاولة تبديل هيئتها مع معارضين آخرين.

أما رجل الأعمال المثير للجدل وأحد المحسوبين على نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن على المعروف بكونه رجل الظلّ في تونس ومهندس الحكومات المتعاقبة قبل الثورة وبعدها بل ورجل أمريكا القوي في تونس بحسب البعض كمال اللطيف فقد عرف مصيرا مشابها للسياسيين حيث تمّ القبض عليه في 11 فيفري ووقع توجيه تهم له بالتآمر على أمن الدولة أيضا.
في ذات السياق عرف الإعلامي والمدير العام لإذاعة موزاييك أف أم نور الدين بوطار المعروف بعلاقاته مع أصهار الرئيس الأسبق بن علي منذ سنة 2003 والذي لم يعرف بانتمائه السياسي الواضح المصير ذاته حيث القي القبض عليه في 13 من فيفري بنفس التهمة التى وجّهت للمعتقلين السابقين تنضاف إليهم تهم بالفساد المالي. إلاّ أنّ بعض المنظمات الحقوقية والمهنية اعتبرت أنّ إيقاف بوطار كان نتيجة لتعمّده بث برامج تنتقد بشدّة رئيس الجمهورية قيس سعيّد وتوجهاته. حيث أكّد بيان نقابة الصحفيين التونسيين حينها أنه تأكد لها بما لا يدع مجالا للشك أنّ عملية الإيقاف تأتي في إطار الهرسلة التي تمارسها السلطة منذ فترة على وسائل الإعلام عموما وعلى إذاعة موزاييك أف أم بهدف تدجينها وإدخالها بيت الطاعة وتوجيه خطها التحريري

جويلية 2023
عرف شهر جويلية إيقاف القاضي البارز المعروف بـ حياديته واستقلاليته عن الأحزاب السياسية البشير العكرمي في 1 جويلية وهو القاضي الذي يعرفه التونسيون من خلال محطات قضائية فارقة أبرزها تكليفه بالتحقيق في جريمة اغتيال القيادي السياسي شكري بلعيد سنة 2013، ثمّ التكفل بالتحقيق في الهجوم الإرهابي الذي استهدف متحف باردو في 2015، قبل أن يتم تعيينه سنة 2016 في منصب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية، ثم وقع عزله ضمن قائمة 57 قاضيا والاحتفاظ به في السجن، بتهم فساد والتستر على قضايا إرهاب ما فتئ العكرمي ينفيها.

أما النائب بالبرلمان السابق وقيادي بكتلة ائتلاف الكرامة راشد الخياري المحسوب على التيار الإسلامي المحافظ في تونس ورديف حركة النهضة حسب تصنيف معارضي ائتلاف الكرامة حينها رغم تكوّن هذا الائتلاف من شخصيات مستقلة والذي استقال الخياري لاحقا عن ائتلاف الكرامة.وقد تمكّن من كشف قضية تمويل حملة الرئيس قيس سعيد من خلال تسريب وثائق مؤكدا أنها رسمية وصادرة من الخارجية الأمريكية فقد تم توقيفه في 3 من فيفري 2023، بتهم مختلفة أبرزها المساس بسمعة الجيش والتآمر على أمن الدولة.كما صدر ضده مؤخرا حكما بالسجن بلمذّة 6 أشهر.

جانفي 2023
وفي مستهل سنة 2023 و تحديدا في 21 منه تمّ توقيف القيادي بإئتلاف الكرامة ورئيس كتلتها في البرلمان السابق المعروف بتوجهاته الإسلامية المحافظة وتناسق مواقفه مع حركة النهضة سيف الدين مخلوف حيث تم إيقافه على خلفية إدانة المحكمة العسكرية له. بعد شتم عناصر من الشرطة وفق ادعائها خلال ما عرف بقضية مطار تونس قرطاج في مارس 2021.حكم عليه بالسجن 14 شهرا مع النفاذ العاجل مع منعه من مزاولة مهنة المحاماة من قبل المحكمة العسكرية طيلة 5 سنوات.

ديسمبر 2022
يعتبر أول من تم توقيفه ضمن مجموعة المعتقلين السياسيين. إنه القيادي بحركة النهضة أبرز أحزاب الإسلام السياسي في تونس ورئيس الحكومة الأسبق على العريّض. إذ تم الإيقاف بتاريخ 19 من ديسمبر 2022 ضمن ما عرف بقضيّة التسفير إلى بؤر التوتر والقتال في سوريا.

مواقف داخلية وخارجية متباينة حيال الإيقافات
مواصلة عمليات الإيقاف ضدّ المخالفين لتمشي رئيس الجمهورية قيس سعيّد منذ إجراءاته الاستثنائية التي يعتبرها المعتقلون انقلابا على دستور البلاد الشرعي ومسارها الديمقراطي جلب مواقف محلية و دولية مختلفة تجاه هذه الإجراءات.
بين داعم لتوجهات رئيس الجمهورية ومدافعا عنها واعتبرها جزءا من محاسبة الفاسدين الذين تحملوا مسؤوليات قبل 10 سنوات على غرار قادة الحملات التفسيرية ومبادرة “لينتصر الشعب” و”حراك 25 جويلية” و”حركة الشعب” وغيرها.

وبين منتقد بشدّة لخروج الرئيس عن أهداف ومبادئ 25 جويلية التي طالبت في الأساس بالمحاسبة وإصلاح الوضع السياسي والاقتصادي لكنهم سرعان ما اتهموا سعيّد لاحقا باستغلال تلك الإجراءات للاستيلاء على كافة السلطات والاستفراد بالحكم. واعتبروا تلك الإيقافات في مجملها إقصاء لمعارضي سعيّد السياسيين. على غرار اتحاد الشغل والتيار الديمقراطي وحزب التكتل وشخصيات سياسية واعتبارية عدّة..

أما المعارضون منذ الوهلة الأولى لحملة الإيقافات واعتبروها جزءا من سيناريو الانقلاب الذي نفّذه قيس سعيّد على الشرعية الدستورية في 25 من جويلية 2021 نذكر منهم الأحزاب التى انخرطت في جبهة الخلاص المعارضة لاسيما أحزاب النهضة وقلب تونس وإئتلاف الكرامة يُضاف إليهم أحزاب وشخصيات سياسية نددت بالاعتقالات و اعتبرتها تكرس التمشي الدكتاتوري لسعيّد على غرار حزب العمال والحزب الجمهوري غيرهم.
أما دوليا فقد أخذت حملة الاعتقالات حيّزا حقوقيا وسياسيا بارزا حيث عبّرت عديد الدول عن انزعاجها من اعتقال المعارضين السياسيين في تونس على غرار حكومات الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي وطالب البرلمان الأوروبي بإطلاق سراح الموقوفين فورا. فيما اعتبرت منظمات حقوقية ما فعلته السلطات التونسية تضارب مع حقوق الان

في حين عبّرت منظمات حقوقية دولية على رأسها منظمة العفو الدولية عن استنكارها لما وصفته ب ” الهجمات العدوانية” التي تشنها السلطات التونسية ضدّ معارضيها من خلال بيانها الصادر بتاريخ 30 مارس 2023
موقف مشابه اتخذته بعض المنظمات الحقوقية التونسية من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية لمقاومة التعذيب وغيرهم والذين اعتبروا المحاكمات جائرة ولا تحترم أدنى شروط المحاكمة العادلة وفق وصفهم.
متى ستفتح الملفات الحارقة ؟
بعيدا عن الاعتقالات و الأسماء والتهم الموجّهة للنشطاء السياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال يبقى الهدف الذي روجت له السلطة عند توقيفها لمعارضيها تحقيق المحاسبة والعدالة الناجزة تجاه ملفات عدةّ على رأسها الفساد السياسي والإداري والمالي ومحاسبة المتورطين فيها والقطع مع عهد المحسوبية والإفلات من العقاب وخرق القانون بالإضافة إلى فتح ملفات الإرهاب والتسفير لبؤر التوتر وغيرها من الملفات التي تنتظر الحل منذ سنوات. لكنّ الذي فاجئ أغلب التونسيين أنّ رئيس الجمهورية لم يفتح قط تلك الملفات ولم يعطيها الحيز الأبرز من اهتماماته بل عمد إلى إصدر مرسوما يعرض فيه على رجال أعمال متورطين في قضايا فساد، العفو مقابل الاستثمار في مشاريع حكومية في محاولة لاسترجاع حوالي خمسة مليارات دولار. وبحسب ما نشر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية .

وحتى لجنة الصلح الجزائي التي عيّنها الرئيس قيس سعيّد والتي شابتها عدة إخلالات إجرائية في طريقة عملها منذ تنصيبها مثال على ذلك عدم تمكّن أعضائها من حلف اليمين أمام الرئيس وتأخّره لأشهر. كما لم تتمكن إلى حد اليوم من تحقيق أية نتيجة تذكر لا في استرجاع الأموال التي نهبها رجال أعمال من المال العمومي ولا استطاعت تحقيق مصالحات جزائية انتهت بإقالة رئيسها من قبل رئيس الجمهورية. أما ملف الاغتيالات السياسية و التسفير فبقيت تراوح مكانها باستثناء بعض التهم التى وجّهت إلى بعض المعتقلين دون دليل ملموس ما أثار انتقادات المحامين و الحقوقيين. أو إطلاق سراح بعضهم بعد عدم ثبوت الأدلة المقدّمة من قبل النيابة العمومية.

الإيقافات .. بديلا عن الفشل
من هنا يصبح التساؤل ملحا عن جدوى هذه الاعتقالات وهدفها. هل هي فاتحة للمحاسبة وعدم إفلات الجناة من العقاب خاصة لأشخاص طالما اتهموا اعلاميا و سياسيا باقتراف جرائم بحق البلاد و مقدّراتها وتحقيق مكاسب شخصية لهم. أدت إلى الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد حاليا. إلاّ أن الواقع يقول عكس ذلك فقد أُتهم الرئيس قيس سعيّد وحكومته بتنفيذ أجندة سياسية للتخلّص من معارضيهم الحقيقيين و المحتملين كما تذهب إلى ذلك جبهة الخلاص المعارضة ومجموعة الخمس التى انسحب منها لاحقا الحزب الجمهوري وعدة منظمات حقوقية. وأنّ المحاسبة وفتح ملفات الفساد ماهي إلاّ شماعة يعلّق عليها النظام عنوانه الكبير لتوسيع شعبيته المتآكلة بين التونسيين وخاصة النخب السياسية.

بينما ذهب أخرون إلى القول بأنّ ما يقوم به الرئيس سعيّد من وقت لآخر بإيقاف ناشط سياسي هنا وهناك, ماهي إلاّ خطة للتغطية على فشله السياسي والاقتصادي خاصة بعد تعطّل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار كان سعيّد يعوّل عليه لتمويل ميزانية.
وهو الموقف الذي تبنته عدةّ شخصيات سياسية واقتصادية نذكر منهم بالاخص قادة جبهة الخلاص المعارضة والقيادي بحزب العمال حمّة الهمامي ومنظمة أنا يقظ في بيانها الصادر يوم 20 أفريل الجاري.

بل أنّ أراء أخرى اعتبرت ما يقوم به الرئيس سعيّد حاليا من ملاحقات للقادة السياسيين وهو سعيه المتواصل لاستكمال ما قام به الرئيس المخلوع بن علي من تصحير للحياة السياسية والنشاط المدني وهو الموقف الذي تبناه مؤخرا الحزب الجمهوري في بيانه يوم 19أفريل 2023 وهو الموقف ذاته الذي عبّر عنه المتحدث باسم “حراك تونس الإرادة” عمر السيفاوي، في تصريح لموقع العربي الجديد عندما اعتبر أنّ ما قام به سعيّد من غلق المقرات الحزبية ومنع التظاهرات والندوات الصحفية باعتماد قانون الطوارئ هو مقدّمة لخنق الحياة السياسية في تونس.
فإلى أين تتجه الأمور يتساءل التونسيون هل يمكن العودة للحياة الديمقراطية قريبا أم أنّ منطق المغالبة والدكتاتورية هو الذي سينتصر على غرار ما شهدته بلدان الربيع العربي وتطوى صفحة الديمقراطية الوليدة في تونس؟