حرفاء عاجزون عن خلاص فواتير الكهرباء والطاقة المتجددة لمن استطاع إليها سبيلا

تونس-كشف ميديا  حين يتعلّق الأمر بسداد فواتير الكهرباء والغاز، لن نجد سوى التكاليف المُجحفة التي أثقلت كاهل المواطن التونسي وأفرغت جيبه على مرّ السنوات، في ظلّ زيادات خانقة وغير مسبوقة في معاليم الكهرباء والغاز، كانت آخرها منذ أشهر والتي بات من الصعب عليه استيعابها.  شاهد أيضا  التلاعب بالأسعار لا يختلف الوضع كثيرا من مواطن إلى […]

8 دقيقة

تونس-كشف ميديا 

حين يتعلّق الأمر بسداد فواتير الكهرباء والغاز، لن نجد سوى التكاليف المُجحفة التي أثقلت كاهل المواطن التونسي وأفرغت جيبه على مرّ السنوات، في ظلّ زيادات خانقة وغير مسبوقة في معاليم الكهرباء والغاز، كانت آخرها منذ أشهر والتي بات من الصعب عليه استيعابها. 

شاهد أيضا 

مسؤول بالشركة التونسية للكهرباء والغاز يتحدث لكشف عن الزيادات والمعنيين بها في الفواتير

التلاعب بالأسعار

لا يختلف الوضع كثيرا من مواطن إلى آخر حسبما ما عاينّاه، في مقرّ الشركة التونسيّة للكهرباء والغاز فرع المرسى، فالكل جاء لاستخراج الفاتورة التي لم تصله في الآجال المحدّدة ، على خلاف ما ينص عليه النظام المعتمد في الشّركة والذي يقضي بتقديم الفاتورة للحريف كلّ شهرين.

يقول عزوز الرجل الستيني المتقاعد لـ”كشف ميديا” إن نظام الأقساط المعتمد في فواتير الشركة الوطنية للكهرباء والغاز، جعل من الفاتورة مكلفة أين يتم جمع كلّ الأقساط دُون احتساب كلّ قسط على حدى. 

وأشار عزوز إلى أنه رغم اعتماده نظام الخلاص الشّهري فإنّه مطالب في كلّ فترة بالقيام بتحيين على الانترنت، ليواجه تعطيلات تقنية على الموقع الخاصّ بالشركة تستوجب تنقّله إلى المقرّ . 

وأضاف عزوز:

استعمال الطاقة الشمسية الذي من شأنه أن يخفف العبء على التونسيين اليوم، أصبح باهظ الثمن باعتبار أنه بعد انتهاء فترة الدفع لمدة سبع سنوات تبدأ خلايا الألواح الشمسية بالإتلاف

تدريجيا، فعلى وزارة الطاقة القيام بدورها واتخاذ التدابير اللاّزمة في ما يتعلّق بالطاقات المتجدّدة.

واعتبر عزوز أن الشركة التونسيّة للكهرباء والغاز لا ترغب في اعتماد الطاقات المتجدّدة حتى يتسنى لها التلاعب بالأسعار كما هو الحال اليوم، وفق تقديره.

لم يكن هذا الرجل لوحده من ممن تساءلوا عن الطريقة المعتمدة لاحتساب الفواتير، المنصف بلخيريّة أحد متساكني المرسى هو الآخر لم يدرك الطريقة التي تعتمدها الشركة في الخلاص.

وأضاف بلخيرية:

هناك دور هام تضطلع به الطاقة الشمسية اليوم  في حلحلة أزمة الفواتير المشطّة ، إلا أن المواطن مطالب بالدفع في كلّ الحالات مهما كان الثمن.

الكهرباء والحياة 

كان لهؤلاء الحظّ الأوفر فعلى الأقّل تمكّنوا من خلاص فاتورة الإستهلاك على عكس ماميّة التي وجدت نفسها خارج جدران بيتها المأجور، رفقة زوجها العاطل عن العمل وأبنائها الثلاثة، والذي يعاني أحدهم ضيقا في التنفس يستوجب ملازمة آلة الأكسجين التي تحصلت عليها منذ فترة. 

تقول ماميّة عاملة النظافة، ابنة الـ35 ربيعا لكشف ميديا:

 بالرغم من استهلاكها المحدود للغاية فإن الفاتورة هذه المرة قد بلغت 495 دينارا لفترة استهلاك لم تتجاوز الأربعة أشهر. 

ماميّة التي لا تملك سوى تلفازا وثلاجة صغيرة وآلة أكسجين ضئيلة الاستهلاك، والتي لا تعود بيتها إلاّ عند الغروب، تقول لكشف إنها أجبرت على التداين لخلاص معلوم الفاتورة حتى لا تجد نفسها وراء القضبان. 

وأشارت مامية إلى أن المؤجرة أقفلت العدّاد لتجد نفسها أمام نفس السيناريو المرير ذاته بعد كرائها مؤخّرا لشقة أخرى.  

تروي حنين، أربعينية، وأم لأربعة أطفال بتحسر، هي أيضا عن تجربتها مع الشركة التونسية للكهرباء والغاز، لتؤكد ما لاحظته من اختلاف في الأسعار في مقارنة بسيطة منها بين فاتورة استهلاكها في ولاية منوبة وفاتورة استهلاكها في مدينة المروج، رغم امتلاكها لتجهيزات بسيطة اقتصادية كأغلب التونسيين، مؤكدة غياب نظام حساب موحّد في الشركة، وفق تقديرها.

وأضافت حنين:

 الشركة قامت مؤخرا باقتطاع الكهرباء مع نهاية الأسبوع على شقتها بتعلّة أنها تأخرت بـ10 أيام على سداد فاتورة تقديرية، دون مراعاة لأي ظرف من الظروف فهي تقطن بمفردها رفقة أبنائها الأربعة.

وشددت حنين على سياسة التعتيم التي تنتهجها الشركة مع حرفائها، فيما يخصّ الاستفسار على  الأداءات والزيادة في الأسعار، كسائر الإدارات التونسية، على حدّ تعبيرها. 

احتساب الفواتير، كيف؟ 

من جهته، قال رئيس فرع الشركة التونسية للكهرباء والغاز بالمرسى ، وجيه ونّاس، في حوار مع “كشف ميديا” إن احتساب الفواتير يتمّ وفق التسعيرة المحدّدة معتبرا أن غلاء الفواتير يعود إلى تضاعف الاستهلاك في فترة الصيف خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة. 

وأضاف محدّث ” كشف ميديا” أنه منذ فترة الكوفيد تخلّى أغلب الحرفاء على سداد معاليم الكهرباء والغاز وهو ما أثقل كاهل الشركة تباعا، ودفعهم إلى قطع الكهرباء على عدد من المساكن، حسب تعبيره.   

الزيادة الأخيرة لسنة 2022 كانت في حدود  06 و10 بالمئة، حسب كميّة الاستهلاك، مشدّدا على أنه في صورة التأخّر في خلاص الفاتورة لأكثر من شهرين فإنه من الأمثل سداد معاليم الاستهلاك مع نهاية الشهرين القادمين حتى يتم احتساب فترة الاستهلاك كاملة و ليتفادى بذلك الحريف دفع الفاتورة كاملة في فترة الخلاص المقبلة.  

وأكد رئيس فرع الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وجيه ونّاس، بخصوص توزيع الفواتير اعتماد الشركة الإعلام المسبق بالخلاص باعتماد تقنية الارساليّات القصيرة فضلا على موقع الانترنت الذي يوفّر على المواطن عناء القدوم إلى الشركة حيث بامكانه احتساب فاتورته بصفة آلية عن طريق إضافة رقم العدّاد وخلاصها عن بعد، وفق قوله.

وفيما بتعلّق بالإعفاءات من خلاص الفواتير، أفاد ونّاس بأنها لا تشمل سوى أعوان الشركة أي بنسبة استهلاك سنوية لا تفوق 03 ملايين دينار، على حدّ تعبيره.

وبخصوص الطاقات المتجدّدة أفاد ونّاس بأنها حلّ من الحلول المفيدة للمواطن وللشركة على حدّ السواء مشيرا إلى أنها تخفف نسبة الاستهلاك بين 30 و70 بالمئة حسب عدد الألواح الشمسية داعيا إلى ضرورة ترشيد الاستهلاك الذي من شأنه أن يخفّف من التكاليف. 

خوصصة لا طائل منها 

لم يمضي على دخول تونس وبصفة رسميّة مرحلة خوصصة الكهرباء السنتين، حيث يخوّل الأمر الحكومي الصادر بتاريخ 26 فيفري 2020 بعد مراجعة الفصل 9 من القانون عدد 12 لسنة 2015 المؤرخ في 11 ماي 2015 والمتعلّق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة، السّماح بتكوين شركات للإنتاج الذّاتي للكهرباء من الطّاقات المتجدّدة وبيعه لكبار المستهلكين الذاتيّين مع تحديد حدّ أدنى لذلك عبر القدرة الكهربائية المكتتبة والتّمتع بحقّ نقل الكهرباء المنتجة عبر الشبكة الوطنية وبيع الفوائض في حدود نسبة قصوى للشركة التونسية للكهرباء والغاز.

ويأتي هذا الأمر الحكومي، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة السابقة، في إطار مزيد دفع الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة التي تُعدُّ أحد أهم البدائل المستقبلية المتاحة لتحقيق التنمية المستدامة، وحرصا على تحسين القدرة التنافسية لمختلف الفاعلين الاقتصاديين المستهلكين للطاقة الكهربائية وتوجيه الدعم لفائدة مستحقيه وترشيد استعمال المواد المدعمة وتأمين التزود بالطاقة الأولية.

وفي الأثناء، يقول رئيس الجامعة العامة للكهرباء، منجي خليفة، لكشف ميديا، بخصوص خوصصة الكهرباء، إنّ القطاع الخاص ليس له توجّه اجتماعي على عكس الشركة التونسية للكهرباء والغاز موضّحا أن مسألة التفويت فيها غير مطروح على الإطلاق. 

وشدّد مُتحدّث كشف ميديا على أنّ مئات الشركات الخاصّة في تونس بدأت في إنتاج الكهرباء بـ270 مليم ميغاواط  الواحد معتبرا إياها تكلفة مشطّة. 

وبيّن خليفة أنّ الشركة الوطنية للكهرباء والغاز غير مسؤولة عن جدولة الأسعار مؤكدا أن المعيار الذي اعتمدته الدولة والمقدّربـ200 كيلوواط ، معيار غير مدروس باعتبار أن المواطن العاديّ يسهلك أكثر من هذا بكثير، وفق قوله. 

وأرجع رئيس الجامعة ذلك إلى دخول عدّة أجهزة كهربائية متطلبات حياة التونسي على غرار المكيّف وآلة الغسيل. 

وتابع رئيس الجامعة العامة للكهرباء أن هذا ليس بخيار الشركة التونسيّة للكهرباء والغاز بل يأتي في إطار الدعم اللاّمباشر من الدولة للشركة مبيّنا أنها لا تريد التتكفّل بالدعم لوحدها. 

وكشف منجي خليفة في ذات السياق عن تكلفة الإنتاج للشركة التونسية للكهرباء والغاز والتي تتعدّى 300 مليم للكيلو واط وهو ما لا يغطي مصاريفها، وفق قوله.  

وفيما يتعلّق بإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، اعتبر رئيس الجامعة العامة للكهرباء، أن خيار الطاقة المتقطعة هو خيار الدول القادرة على الطاقة الكلاسيكيّة موضّحا أن أكثر من 70% من تكلفة الإنتاج في تونس يتمّ شرائها بالعملة الصعبة.

وعلّق خليفة بخصوص إسناد الموافقة لـ10 مشاريع لإنتاج الكهرباء مؤخّرا أن المواطن التونسي لم يستفد منها شيئا، وفق تقديره.

ومع الزيادات المتتالية في أسعار الكهرباء وتضاعف ديون الشركة التونسية للكهرباء والغاز، بات من الصعب اليوم حلّ هذه الأزمة المعقّدة التي انضافت إلى سجّل أزمات أخرى أغرقت التونسيين في دوامة الدفوعات اللاّمتناهية على اختلاف طبقاتهم، فهل ستكون دراسة ملّف الطاقات البديلة طوق نجاة حقيقي للمواطن التونسي ؟ .

تنويه

بمشاركة

لا يوجد مساهمين

مقالات مشابهة​