الغنوشي: الآن لا نجد أنفسنا معزولين بل سعيّد هو المعزول

من جهة أخرى قال الغنوشي إن الدستور الجديد “يعطي صلاحيات فرعونية للرئيس قيس سعيد، الذي يريد أن يستبد بنا باسم الإسلام، وهو أسوأ أنواع الإستبداد، وهو ما يجعل قيس سعيد سلطانا من جملة السلاطين الذين عرفهم عصرنا والموجودين في أكثر من بلد عربي، فهناك سلطة واحدة تتحكم بكل شيء ولا أحد يقول لها لا، وأحد فصول الدستور ينص على أن الرئيس قادر على كل شيء لكنه لا يُسأل عما يفعل”.

4 دقيقة

قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إن التونسيين أضاعوا فرصة إسقاط “الإنقلاب” على الطريقة التركية، مشيرا إلى أنه يفضّل دستورا علمانيا ديمقراطيا يراعي الحريات وحقوق الإنسان على آخر ذي طابع إسلامي ولكنه يتضمن سلطة مطلقة تكرس للديكتاتوري وتصادر حق الرأي الآخر.

وأضاف الغنّوشي، في حوار خاص مع “القدس العربي”، يُنشر لاحقا “نحن رابطنا في ليلة 25/26 جويلية 2021 أمام البرلمان التونسي، وتجمع حولنا المئات فقط (وليس عشرات الآلاف) لأن الناس كانوا في حالة صدمة، وخاصة أنه تم حينها إحراق 150 مقرا لحركة النهضة، وكان النهضويون منشغلين في الحريق داخل بيوتهم، وأنا ناديتهم كي يلتحقوا بنا أمام المجلس ولكن الأوضاع لم تكن مهيئة لذلك، وحتى الذين جاءوا فيما بعد صرفتهم وقلت لهم: فاتتكم فرصة القضاء على الانقلاب في المهد بالضربة القاضية كما فعل الأتراك مع انقلابهم، ولم يبق أمامكم سوى فرصة واحدة للانتصار وهي عبر التراكم (كما في الملاكمة، فإذا لم تتغلب بالضربة القاضية، يمكنك ذلك عبر النقاط). وفعلا دخلنا مع الانقلاب في مرحلة تجاذب وصراع آملين أننا سننتصر عليه بالنقاط”.

و أضاف الغنوشي “ونحن الآن في السنة الثانية من الانقلاب، نشعر أننا حققنا جزءا من أهدافنا، فيوم 25 جويلية 2021، كنا وحدنا تقريبا ومعنا (للأمانة) حزب العمال الشيوعي الذين تجرأوا منذ اللحظة الأولى على القول: إنه انقلاب وسنقاومه ولا شرعية له. و الآن لا نجد أنفسنا معزولين وإنما الطرف الآخر أي سعيد هو المعزول، فثلاثة أرباع الشعب التونسي لم يلبِ نداء الرئيس للتصويت على دستوره، وهؤلاء إستجابوا لدعوة المقاطعة، بمعنى أن الإنقلاب اليوم معزول، حيث ترى الأحزاب المهمة والتي لديها اعتبار في تونس كلها إتخذت موقفا رافضا للإستفتاء والدستور، و إعتبرت هذه العملية كلها مزيفة. كما أن الذين وقفوا مع 25 تموز/ يوليو لم يبق منهم إلا القليل، على غرار بعض القوميين، حتى أقصى اليسار تخلى عنه”.

وأوضح أكثر بقوله “في 25 جويلية 2021 وصلت شعبية قيس سعيد إلى 90 في المئة بعد الانقلاب، والآن نزلت هذه الشعبية إلى العشرينات في سنة واحدة فقط. والسبب هو أنه لم يفعل شيئا خلال هذه السنة سوى هدم مؤسسات الدولة. يعني عبارة عن بلدوزر هدم كل شيء في طريقه، حيث حل البرلمان بعد تجميده، كما حل مجلس القضاء وهيئتي مكافحة الفساد والإنتخابات، وغيرها. بالتالي فهو قوة هدم ولم يبنِ شيئا”.

من جهة أخرى قال الغنوشي إن الدستور الجديد “يعطي صلاحيات فرعونية للرئيس قيس سعيد، الذي يريد أن يستبد بنا باسم الإسلام، وهو أسوأ أنواع الإستبداد، وهو ما يجعل قيس سعيد سلطانا من جملة السلاطين الذين عرفهم عصرنا والموجودين في أكثر من بلد عربي، فهناك سلطة واحدة تتحكم بكل شيء ولا أحد يقول لها لا، وأحد فصول الدستور ينص على أن الرئيس قادر على كل شيء لكنه لا يُسأل عما يفعل”.

وأضاف “ولذلك قلت إننا نحب وجود الكلمات الإسلامية في الدستور، ولكن إذا كنت مضطرا أن أختار بين دستور فيه ضمانات حقوق الإنسان وضمانات الحرية وليس فيه كلمة إسلام، وبين آخر مليء بكلمات الإسلام التي نحبها ولكن سلطة الحاكم فيه مطلقة (مثل دستور سعيد)، فأنا أفضل الدستور الأول حتى لو كان علمانيا، لأنني عندما اضطهدت ذهبت لبلدان إسلامية كثيرة ولكن طُردت منها، فذهبت إلى ملك لا يُظلم عنده الناس”.

وأشار بقوله “ذهبت إلى بريطانيا، فهناك ملكة لا تعلن الإسلام ولكنها تعلن حقوق الإنسان، وعشت فيها 22 سنة لم يسألني فيها شرطي لماذا قلت ما قلت، ولماذا ذهبت إلى ذلك البلد أو غيرها، رغم أني جلت العالم، ولذلك أنا قلت إن مجتمعا علمانيا من هذا القبيل تتوفر فيه حقوق الإنسان أفضل”.

وإستدرك الغنوشي بقوله “ولماذا لا يكون لدينا مجتمع إسلامي تتوفر فيه حقوق الإنسان؟ لماذا نخير بين مجتمع إسلامي ديكتاتوري وبين مجتمع علماني ديموقراطي؟”، مضيفا “هذا الخيار حاولنا التغلب عليه بصياغة مصطلح الديموقراطية الإسلامية، ونعتبر أن هذه أهم إضافة قدمها الفكر الإسلامي التونسي للفكر الإسلامي الحديث” وفق ما نشرته القدس العربي.

تنويه

بمشاركة

لا يوجد مساهمين

مقالات مشابهة​