وشدد منتدى الحقوق على أن السياسة البيئية لتونس قد فشلت في معالجة أزمة النفايات في كامل السلسلة من الجمع مرورا الى النقل فالردم داخل المصبات.
وأضاف أن إدارة مشكلة النفايات تتطلب ثورة على المنوال التقليدي الحالي من خلال اعتبار القمامة ثروة يجب تثمينها ضمن منوال اقتصادي وتنموي قائم على مشاريع إعادة تدوير تطيل عمر أي منتج قبل رميه وتحُد من كمية النفايات الملقاة داخل المصبات.
وأشار منتدى الحقوق إلى أن تداعيات ومخاطر التلوث البيئي كبيرة جدا ومجابهتها لا تتم إلا بمقاربة اقتصادية واجتماعية وبيئية قائمة على المسؤولية المشتركة وتضافر كل الجهود من أفراد ومؤسسات وأجهزة دولة من أجل إصلاح السياسات البيئية في بلادنا وتطوير وسائل وآليات العمل.
وأوضح أنه من الضروري التسريع في النظر في مشروع قانون مجلة البيئة وإلزام الشركات الصناعية بضرورة احترام القوانين ودرء كل مسببات التلوث، من خلال إضفاء الطابع الإلزامي على قانون المسؤولية المجتمعية للمؤسسات لسنة 2018.
وأكد المنتدى أن السياسات البيئية أصبحت تمثل محورا استراتيجيا وتحديا حقيقيا يقضي التفكير في رؤية وتصور جديد للبيئة وفقا لمنوال اقتصادي وتنموي يحد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي يسببها تدهور الوضع البيئي والتي يعاني منها سكان المدن والأرياف على حد سواء.
واعتبر أنه من عناوين فشل السياسات البيئية، عمق الأزمة المنبثقة عن الخيارات الوطنية في علاقة بالتصرف في النفايات ومقاومة التلوث، مشيرا إلى أن هذه البرامج الوطنية وترسانة القوانين منذ التسعينات خلقت فضاءات غير مهيكلة لسكب وردم النفايات.
يبلغ عدد المصبات المراقبة 13 مصبا فقط منها 4 مصبات مغلقة بطاقة استيعاب تناهز 1.8 مليون طن، مقابل 3200 مصب عشوائي.
يقدر مجموع النفايات المنزلية حوالي 3.3 مليون طن تنتجها البلاد لا يقع رسكلة سوى 4% منها فقط. الأمر الذي أفرز واقعا بيئيا متدهورا خاصة في ولاية تونس التي تنتج لوحدها 13% من المجموع الوطني للنفايات أي ما يقارب 1 كلغ يوميا من النفايات للساكن الواحد، تليها المدن الكبرى على غرار ولاية صفاقس بأكثر من 247 ألف طن وولاية نابل ب 257 ألف طن. كما تقدر كمية نفايات المستشفيات والمراكز الصحية في تونس بـ 18 ألف طن سنويا، من بينها 8 آلاف طن تعتبر سامة وخطرة، وفق بيان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح المنتدى أنه في حين يتواصل غلق مصب جرادو للنفايات الخطرة، تنقل 7 شركات مسؤولة عن جمع النفايات الطبية 12 ألف طن من النفايات وتقوم بردمها في مكبات غير مراقبة من دون إخضاعها لأي فرز أو تحييد (neutralisation) للخطر الناتج عنها.
وتتفاقم أزمة النفايات في ظل غياب حلول فعالة وتشاركية تمكن من إدارتها وفقا لمنوال دائري يخفف من أعباء أزمة التلوث على المناطق الأكثر تضررا.
من جهة أخرى، تعتمد الدولة بشكل كبير على الصناعات الاستخراجية من فسفاط ونفط وغيرها من الصناعات، من التلوث الصناعي معضلة بيئية في عديد المناطق المنكوبة على غرار قابس والحوض المنجمي وخليج المنستير، أين يتواصل عجز الدولة عن وضع حلول جذرية للتلوث وإلزام الشركات المصنعة بوقف نزيف التلوث الصادر عنها على الرغم من كثافة الترسانة القانونية وتعدد المؤسسات المعنية بنظافة المحيط ومعالجة التلوث البحري والبري والتربة.
ويعزز تدهور النظام البيئي أيضا غياب الربط بشبكات الصرف الصحي الذي لا يتعدى نسبة 61.9% على المستوى الوطني أي أن حوالي 4.5 مليون تونسي لا يتمتعون بهذا الحق.
وأفاد المنتدى بأن التلوث أصبح السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات الأمراض مثل أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والسرطان.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية يتسبب تلوث الهواء في وفاة 6000 شخص سنويا في تونس بسبب الجسيمات الدقيقة المنبعثة من المصانع. كما يؤدي إلى ارتفاع الخسائر المادية المرتبطة بالعلاج والناجمة عن التلوث والتي تكلف خزينة الدولة حوالي 500 مليون دينار سنويا.
أما على مستوى الإنتاج الفلاحي فقد ساهم تلوث المياه والتربة في تراجع الإنتاج بنسبة 15% خلال السنوات العشر الماضية نتيجة استخدام المياه الملوثة أو اختلاطها بالنفايات الصناعية.