وشدّد سعيد على أن يكون مشروع الأمر المتعلق بمنع المناولة واضحا ويرتقي إلى انتظارات الشعب وذلك بحل شركة الاتصالية للخدمات وإدماج الأعوان والعملة المستخدمين في إطار هذا الصنف من العقود في مراكز عملهم للقطع النهائي مع هذه العبودية المقنعة في القطاع العام.
وجدد سعيد موقفه الثابت والمبدئي والمتعلق بضرورة التخلص من أنصاف الحلول فالحرب هي حرب تحرير وطني تشمل كل القطاعات وكل الجهات مذكرا في هذا السياق بشعارات الثورة وبما ورد بالفصل السابع عشر من الدستور الذي ينص على أن الدولة تضمن التعايش بين القطاعين العامّ والخاصّ وتعمل على تحقيق التكامل بينهما على قاعدة العدل الإجتماعي، فإيفاء العمال حقوقهم هو الذي سينعش الاستثمار، فكثيرة هي النصوص التي وضعت على المقاس لم تؤد إلى خلق الثروة بل أدت فقط إلى اقتصاد ريعي ونسب نموّ كاذبة مغلوطة.
كما تم التعرض مطولا لوضعية عمال الحضائر وإيجاد حلول جديدة لمن عانوا الفاقة والبؤس ولمن طالت بطالتهم نتيجة لسياسات أدت إلى إقصائهم وحرمانهم من حقهم المشروع في العمل وبأجر عادل ومنصف.
وتم التداول أيضا، خلال هذا الاجتماع، في تصور آليات جديدة لتطوير الصناديق الاجتماعية حتى تستعيد توازناتها المالية وتقوم بالدور الموكول لها في أحسن الظروف.
كما تعرض رئيس الدولة إلى ضرورة التقليص من عدد المؤسسات التي استنزفت أموال المجموعة الوطنية ولا جدوى من وجودها. فالأموال المرصودة لها أولى أن تُرصد لفتح باب الانتدابات في مؤسسات ناجعة تعود بالنفع لا على المنتدبين فقط بل على الوطن كله.
كما تداول المجلس في ضرورة تبسيط الإجراءات لبعث شركات أهلية بعد أن تم ترذيلها قصدا من قبل الكرتالات وأعوانها حتى لا تنجح ويعم اليأس والإحباط في حين أن هذا الصنف من الشركات نجح في عديد الدول وعمّت بالفائدة لا على الشركاء فحسب بل على المجموعة الوطنية كلها.
وجدّد رئيس الجمهورية دعوته إلى مواصلة الحرب على الفساد، فالنمو الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل مؤسسات يقوم تسييرها على الشفافية فضلا عن البذل والعطاء دون حدود مشيرا إلى أن تونس توصف دائما بأنها تعاني من أزمات مالية في حين أنها تتوفر على عديد الثروات وعلى أفضل الكفاءات.
وخلص رئيس الجمهورية إلى أن من يشيع كل يوم في حملة انتخابية مقنّعة فضلا عن أنها سابقة لأوانها أن تونس تعيش الأزمة تلو الأزمة هدفه بثّ الإحباط واليأس، ولكن الشعب التونسي مصمّم على المضي قدما إلى الأمام ولن يستسلم ولن تحبط عزيمته ولن يقبل إلا بالانتصار وغيّب من فكره نهائيا ما يروّج له البعض زورا وبهتانا بأن الوضع ميؤوس منه، فمن سقى هذه الأرض الطيّبة والعزيزة بدمه ونضاله وأسقط الأقنعة كلها سيُحبط كل المناورات وسيأخذ الدنيا غلابا ولن يعرف أبدا المستحيل.
وكان مجلس النواب قد صادق يوم الأربعاء 21 ماي 2025، على مشروع القانون عدد 16 لسنة 2025 المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة ليصدر بالرائد الرسمي يوم الجمعة 23 ماي الجاري.
وينص القانون، في جزئه المتعلق بعقود الشغل (الباب الأول)، على أن العقد غير محدد المدّة هو الصيغة الطبيعية والأصلية للتشغيل، أما العقود محددة المدّة، فهي استثناء لا يُسمح باللجوء إليه إلا في حالات خاصة ومبرّرة، مثل ارتفاع مؤقت في حجم النشاط، أو تعويض عامل متغيب، أو إنجاز أعمال موسمية. كما تم تحديد فترة التجربة بستة أشهر، قابلة للتجديد مرة واحدة، بهدف تحقيق توازن بين استقرار العامل ومرونة المؤسسة.
وفيما يتعلق بمنع المناولة (الباب الثاني)، فقد حضر القانون تشغيل العمال عن طريق أطراف ثالثة في المهام الأساسية والدائمة داخل المؤسسات، سواء كانت عمومية أو خاصة. ويُسمح فقط ببعض التدخلات الفنية أو الظرفية، بشرط ألا تتحول إلى وسيلة للالتفاف على الحقوق القانونية للأجراء. ويُعتبر هذا التنصيص سابقة قانونية في تونس، بعد سنوات من الجدل بشأن تكريس المناولة للهشاشة التشغيل وسلب حقوق العمال.
أما باب العقوبات، فقد تضمّن إجراءات صارمة تهدف إلى فرض احترام القانون، من بينها خطايا مالية واعتبار العلاقة الشغلية مباشرة بين العامل والمؤسسة المستفيدة من الخدمة. كما يمكن حرمان المؤسسات المخالفة من الامتيازات أو من التعاقد مع الدولة.
وقد تضمن القانون أيضا أحكاما انتقالية تمنح المؤسسات مهلة لتسوية وضعياتها القانونية، بما يضمن تطبيق الإصلاحات الجديدة دون إرباك مفاجئ لدورة الإنتاج أو للعلاقات التعاقدية القائمة. وحسب وثيقة شرح الأسباب المصاحبة لمشروع القانون، فإن الهدف الأساسي من هذا النص هو التصدي لظواهر التشغيل الهش والعمل غير اللائق، والعمل على مراجعة منوال التشغيل بما يضمن كرامة العامل ويحفظ في الآن نفسه استمرارية المؤسسة وقدرتها على التأقلم مع السوق.
أخبار ذات صلة: