أي مصير يواجهٌ اللاَجئين/ات في تونس زمن كوفيد-19 ؟

6500 هو عدد اللاجئين و طالبي اللجوء في تونس موفّى شهر جانفي 2021 مقارنة بـ6200 شخص في نفس الشهر من العام 2019 حسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. هذا و ينتظر 1900 آخرون خلال السنة الحالية التسجيل الحصول على اللجوء في البلاد التونسية حسب بيانات حديثة للمجلس التونسي للاجئين.  إذ يحتلّ الإيفواريون المرتبة الأولى […]

7 دقيقة

6500 هو عدد اللاجئين و طالبي اللجوء في تونس موفّى شهر جانفي 2021 مقارنة بـ6200 شخص في نفس الشهر من العام 2019 حسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. هذا و ينتظر 1900 آخرون خلال السنة الحالية التسجيل الحصول على اللجوء في البلاد التونسية حسب بيانات حديثة للمجلس التونسي للاجئين. 

إذ يحتلّ الإيفواريون المرتبة الأولى في عدد طالبي اللجوء في تونس ،يليهم السوريّون فيما يحتلّ السودانيون المرتبة الثالثة. اللجوء في تونس  هو إلى حد اللحظة عبارة عن ورقة مؤقتة من السلطات تجعل من وجودهم على الأراضي التونسية قانونيا.  علما  و أنَّ تونس لا تمنح اللجوء للأجانب بمعناه المتعارف عليه دولياً. 

تونس التي تعتمد سياسة عدم ترحيل المهاجرين و التي تؤكد دائما أنها تحترم الاتفاقيات الدولية، ولا تسلّم اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية مذ صادقت على اتفاقية اللاجئين لسنة 1951 و تشريعات حماية حقوق اللاجئين تجد نفسها اليوم محاصرة بين السياسة التي حولت البلاد إلى وجهة دائمة  للمهاجرين غير النظاميين من بلدان إفريقية و عربية مختلفة و انتشار جائحة كوفيد-19. جائحة عصفت بالدولة  إقتصاديا و إجتماعيا و تصدّر التركيز على الوضع الصحّي العام سلّم الأولويات ،ليجد اللاجئون أنفسهم على هامش الإهتمام الرسمي، يصارعون يوميا للبقاء على قيد الحياة. 

“روز” ذات الثلاثين ربيعا فتاة من الكوت ديفوار جاءت إلى تونس كما حدثتنا عقب اندلاع الثورة الليبية حيث كانت تعمل في صناعة الشعر المستعار و الرموش الصناعية، و لأنّ الحرب و الزينة لا يلتقيان كما تقول روز قدمت إلى تونس و بها تعيش في أحد الأحياء المتاخمة لمدينة المرسى، بطريقة غير نظامية مذ أكثر من عشر سنوات تقريبا. 

تؤكد محدثتنا  أنها تقدمت بمطلب لجوء أكثر من خمس مرات طيلة فترة وجودها هنا الاّ أن كلّ مطالبها قوبلت بالرفض دون أن تعرف السبب. و عن سؤالها ما إذا كانت تتلقى أي نوع من الرعاية الصحية أو اي وثيقة تسمح لها بالعلاج في المستشفيات الحكومية خاصة في ظل وباء كوفيد-19 ” بعض الجمعيات التونسية وفّرت لنا أنا و مجموعة من الفتيات اللّواتي يتقاسمن معي نفس الظروف و السكن بعض المعقّمات و الأقنعة الطبيّة في بداية الجائحة، كما أنّنا لم نتلقَّ أيّ مساعدات أخرى مهما كان نوعها أو أصحابها”. هذا و تؤكد الفتاة الحالمة بالإستقرار أنها لم تتلقَّ أي اتصال من أي جهة دبلوماسية من موطنها الأم و لا أي نوع من المساندة أو المساعدة منذ ان وطأت قدماها تونس. و أما عن سؤالها ان كانت قد سجلت في منظومة كوفاكس التي من شأنها أن تمتعها مجانا باللقاح، ضحكت روز و علّقت

” أنا لم أذهب إلى أي مستشفى أو عيادة طبيب خاصة منذ وصولي  إلى هذه البلاد  فكيف سيقدمون لي لقاحا يتصارع حوله التونسيون أنفسهم مجانا؟ “.

 هي لا تمتلك أدنى معلومة عن هذا البرنامج الخاص بالتسجيل المجاني لتلقّي جرعة تلقيح المضاد لفيروس كوفيد-19. و ما كانت لتصدّق ما قلناه لها لولا أننا أرشدناها إلى طريقة التسجيل الذي فعّلته بسرعة و على وجهها علامات استغراب، حتى انها مازحتنا قائلة:

“إذا ما تم تطعيمي فعلا، سأخبر كل الذين أعرفهم و يعيشون نفس وضعيتي حتى يبادروا بالتسجيل”

و كم كانت مزحتها حمّالة في طياتها الكثير من الريبة و الشك تجاه ما نقول، ربما هي نتاج تراكمات عديدة من خيبات الامل و المحن التي مرت بها في بلادنا، حتى يضاف هذا الوباء إلى ما تحمله على ظهرها.

 رمضان بن عمر،  المتحدّث الرّسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية يخبرنا أنّ “منظومة التسجيل الإلكتروني هذه تقوم بعمليّة فرزٍ أخرى يُستَثْنى منها المهاجرين غير النظاميين من هذا الحق، حقّ التّلقيح الذي يعتبر حقا عالميا في الصحة و العلاج، كما أنّ”قبول طلب روز في التسجيل هو مجرّد تسجيل أولي ستفقده الفتاة الإيفوارية عند الفرز”.

 و هنا لربما تراءت لنا حقيقة تلك النظرة المليئة بالريبة و الشّك لروز.

رغم النشاط المفترض للمجلس الأعلى للاجئين و الذي ينشر بصفة دورية و متواترة أخبارا و صورا عن مختلف أنشطته و ما يقوم به من خدمات و مساعدات لهم، الاّ أن الحديث إليهم، يأتي بعكس ما يُنشر

 أسامة، 34 عاما  شاب ليبي يعمل كطباخ بمنطقة العوينة بالعاصمة أين يقيم ويعمل في أحد المطاعم.  و هو أيضا طالب لجوء.  عدم ثقته إلى تأسيس مجموعة عبر  موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك لطلب المساعدة اليومية بدل تلقيها من المجلس الأعلى للاجئين. مجموعة افتراضية يديرها  رفقة ثلة من طالبي اللجوء إلى تونس بصفة عامة حتى يحصلون من خاللها على مساعدات عاجلة. 

و هنا وجب الإشارة إلى  أن مطالب اللجوء في تونس ماهي الاّ مطالب للحصول على إقامة قانونية على الأراضي التونسية و التي عادة ما ترفض السلطات المعنية ٪70 منها حسب المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية 

مجموعة أسامة عبر الفيسبوك هي محاولة يعتقد أنّها أملهم الأخير في دعم بعضهم البعض بعد أن فقد أي أمل في الحصول على أبسط مقومات الرعاية الصحية و أبسط متطلبات  النظافة و الوقاية في المركز الذي أُجبر هو وأصدقائه على المكوث فيه خلال  فترات الحجر الصحي . و بيّن أسامة أنه لولا بعض المساعدات من المجتمع المدني و بعض الإعانات الفردية ربّما كان قد قضى نحبه هو و شركائه في مركز الحجر الصحّي خاصة و أنه أصيب رفقة إثنين منهم بفيروس كوفيد-19 في أوّل هذه السنة و أنهم لم يتلقُّوا أي نوع من المساعدة و لا الرعاية الطبية.

“حتى وجبات الطعام كانت عبارة على وجبات ترسلها لنا إحدى المطاعم الليبية المنتصبة في مدينة القصرين ، أين كنت أقضي فترة الحجر الصحي”.

 وهو ما جعل أسامة وأصدقائه يطلقون صيحات فزع عديدة في المجموعات الفايسبوكية التي تجمع الجالية الليبية في تونس. و ذلك بعد أن فقدوا الأمل في الجانب التونسي و المتمثل خاصة في المجلس الأعلى للاجئين الذي يبدو هو الآخر محلّ تشكيك متواصل خاصة بالعودة إلى التعليقات المهتمة إياهم بالتقصير الكبير و بأن ما ينشر على هاته الصفحات لا يطابق الواقع بأيّ شكل من الأشكال. 

في هذا الإطار يقول عبد الرزاق الكريمي  رئيس المجلس التونسي للاجئين، في تصريح نشرته الصفحة الرسمية للمجلس بتاريخ 20 جوان 2020 بمناسبة اليوم العالمي للاجئ أنّ  “المجلس يفعل ما يستطيع لتوفير ما يلزم.” 

إن عدم توقيع تونس على مشروع “القانون الخاص بحماية اللاجئين” و هو مشروع قانون تسعى الهيئة الوطنية لحماية اللاجئين، جهة المبادرة لتمريره وتطوير منظومة حقوق الاجئين من خلاله في تونس . و في انتظار المصادقة على مشروع هذا القانون الذي سيكون أول مشروع قانون وطني خاص باللجوء في شمال أفريقيا و الشرق الأوسط، يبدو أنّ الدولة التونسية تخلّت عن دورها تماما في الرعاية الصحية و الإحاطة النفسية للاجئين لصالح المنظمات الأممية و المبادرات الإجتماعية و المجتمع المدني و اكتفت فقط من جانبها يعدم الترحيل و هي سياسة ستُبقي هذه الفئة الهشّة دائما خارج الاهتمامات الحكومية و في مرمى كلّ الشّرور من أمراض و استغلال نفسي و جسدي

إشراف عام خولة بوكريم

بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا

تنويه

بمشاركة

لا يوجد مساهمين

مقالات مشابهة